المدونة, بوابة أعضاء جدل, موضوعات متنوعة

حِيلة مُثبَتة لتهدِئة القَلقْ سريعًا .. ترجمة : محمد الدّندن

حِيلة مُثبَتة لتهدِئة القَلقْ سريعًا
طريقة تفكيرٍ صغيرة تعينُك على استعادة السيطرة على القلقْ أيّاً كان عُمرُك        
بقلم د.جيفري برنستين – ترجمة: محمد الـدّنـدن 
     يجتاحُكَ شعورُ القلق كعاصفةٍ هوجاء، تجعلك عاجزاً وعالقاً في دوّامة من الأفكار المُبعثرة. ولكن ماذا لو كان هنالك حيلةٌ سهلة، تُغيّرُ نظرتَك للأشياء وتُهدِّئ الضوضاء التي تعبث بمشاعرك؟ هي بالطّبع ليست سِحراً، بل تحوّلٌ في نمطِ التّفكير، وتلك الطّريقة مُتأصّلة في ما يُسمّى: العلاج باليقظة الذهنيّة والعلاج السلوكي المعرفي. تدعى تلك الحيلة بـ ” تسمِية الخوف”، وهي حيلةٌ فعّالة عند تطبيقِها على جميع مواقف الحياة وعلى كُلّ الناس، في شتّى الفئات العُمريّة.
عندما تطلقُ اسماً على شعور الخوف، فإنّك تُبعِدُه من حيّز مشاعِرك المُشتّتة إلى خارج حُدود نفسك؛ وبذلك تستطيع تقييم ذلك الخوف واعتراضه، ثمّ التّقليلَ من حدّتِه بعد أنْ لاحظتَه.
إليكم طريقة تطبيق هذه الحيلة، في ميدان الحياة:  
                                                                              
لِيام، 8 سنوات: مواجهة وحوش ما قبل الّنوم. 
كان ليام يرتعب بشدّة عند وقتِ النّوم، وكلُّ صوتٍ يسمعُه من أرجاء البيت، يخلُقُ في خيالِه صورةً مُرعبة لوحوشٍ تختبئ تحت سريره، مما يجعله يعيش في دوّامة من الخوف. ومع محاولاتِ أهله الحثيثة لتهدئة روعِه، إلاّ أنّ القلق بات مسيطراً عليه.
وذاتَ ليلة، سألتهُ أمُّه: ليام، ما اسمُ ذلك الوحشِ الذي تسمعُ صوتَه باستمرار؟ 
همس إليها: الشّبح!
قالت له: حسناً، “دعنا نكتب ملاحظة في ورقة للشّبح، نُخبره فيها أنّك تحتاج إلى الراحة في هذه اللّيلة، وأنّ عليهِ أن يخرُج من الغرفة”.
اخرَجَ ليام ورقة ووضعَها بجانب سريره. وعندما قام بتسمية وتحديد خوفِه، أصبحتْ إدارة الخوف لديه أسهل مما سبق. وبعد مدّةٍ من الزّمن، انخفضَ مستوى القلق لدى ليام، وصار ينام نوماً هنيئا.
2-صوفيا، 27 عاما: التخلّص من التّوتّر في مقرّ العمل. 
   أحبّتْ صوفيا وظيفتها، لكنّها كانت شديدة الخوف من اجتماعات طاقم العمل. ودائماً ما باتت تشعر بالقلق إمّا من قول الشيء الخطأ أو من التعرّض للنّقد من زملائها. كان القلق يهاجمُها بوحشيّة في اللّيالي التي تسبق الاجتماعات؛ ممّا جعلها محرومة من النّوم.
وضِمنَ إطار خُطّتها العلاجية، طلبتْ المعالِجة النّفسية من صوفيا أن تُطلِقَ اسماً على القلق الذي تشعرُ به.
سألَتْها المُعالِجة: “ما الاسم الذي تودّين أنْ تسمّي هذا القلق به ؟
عزمَت صوفيا على أن تُسمّيه: ” القاضية جودي“، وكُلّما كانت تسمعُ ذلك الصّوتَ النّاقِد في نفسِها، باتت تقول ” أوه، ها هي القاضية جودي تظهرُ مجدّدا وتُحاول أنْ تُخيفني، ولكنّها ليستْ مُديرتي في العمل”.                                                                
منَحَ هذا النّهج المُمتع مساحةً شعورية لدى صوفيا؛ لتتحدّى خوفَها. ولأنّها دائما ما كانت تُذّكر نفْسَها بأنّ أفكارها ليست حقيقة، أصبحَ حضورُها لاجتماعاتِ العمل أقلّ خوفاً من ذي قبل.       
3.مارْك، 52 عاما: التّغلّب على الرّهاب الإجتماعي
دائماً ما ينتاب مارك شعور بالخجَلْ في المناسبات الاجتماعية. كان يشعر بالتّوتر أو الإحراج إزاء عدم وجود ما يتحدّث عنه من أمور وقضايا في الحياة. وقبل موعد الاجتماع السنوي للعائلة، قرّر أن يُجرّب تطبيق حيلة التّسمية!
سأل مارك نفسه: ما اسمُ هذا الخوف؟
مازَح نفسَه مُجيبا: “ستيف الصّامت“.
وعندَ موعِد الاجتماع العائلي، وكُلّما أحسّ مارك أنّ مشاعر القلق تتسلّل بداخِلِه، بدأ يقول في نفسه: “هيي أنت! رأيتُك يا ستِيف الصّامت، ولن تنطلي عليّ ألاعيبُك”. إنّ تطبيقَهُ لطريقة تسمية الخوف، جعلَهُ أكثرَ قدرة على إدارة مشاعِره. وعندما انقضتْ تلك اللّيلة، أدركَ مارك حجمَ سعادته بما صنَع، خِلافاً لما كان يتوقّع من نفسه.
وبالمداومة على استعمال هذه الطريقة، ستُدرك أنّ لهذا التغيير الطّفيف أثراً في تفكيرك، مما سيُساعدك في مواجهة مصاعب الحياة بثقةٍ وسكينة أكبر.
السببُ في نجاحِ هذه الحِيلة
عندما تقوم بتسمية القلق الذي ينتابُك، فإنّك تجعله خارجاً عن دائرة نفسِك، وتحوّلُه من شعورٍ مُرهِق وغامِض، إلى شيءٍ مُحدّد وقابلٍ للتّعامُل معه في يُسر. تسمح لك هذه المساحة، أن تُعيد تقييم المواقف العصيبة تقييماً منطقيّا. وتكشف لنا الأبحاث في مجال العلاج السلوكي المعرفي بأنّ تسمِيةَ المشاعر تُقلّل من وطأة تأثيرها على الناس، وتعزّزُ من إدارة المشاعر لديهِم.
عندما يجتاحُكَ شعورُ القلق في المرّة القادمة، اسأل نفسَك: “ما الاسم الذي سأطلِقُه على هذا الشعور المخيف؟” سمّه باسمِ دُعابة ما، أو باسمٍ من خيالِك، أو حتى باسمِ لقبٍ مشهور!

 

نُشرت الدراسة في 19 يناير 2025



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *