العلم نورٌ وضّاء

أ.بشاير خالد الصفران

العلم نورٌ وضّاء
الكاتبة: أ.بشاير خالد الصفران

تتجلى حكمةُ الانسان بمدى ادراكه بمستويات الاحداث، فالإنسان الحكيم هو انسان مُتزن انفعالياً وعاطفياً وهو ايضاً ناضج فكرياً ومعرفياً، وصفة الحكمة هي هبة من الله يؤتيها من يشاء من عباده، فنسأل الله باسمه الحكيم ان يؤتينا الحكمة التي من اوتيها فقد اوتي خيراً كثيرا، فعندما اتأمل بتفاصيل هذه الصفة الذهبية اشعر وكأنني ابحرت نحو عالم واسع من الجَمال، فالإنسان الحكيم يُحجم الأمور بما يُناسبها من مقياس فهو لا يعير اهتمامه لتوافه الأمور، لأنه على فقه ان وقته ثمين ولا توجد لديه مساحة لتوافه الأمور ان تأخذ حيّزاً من حياته، فالإنسان الحكيم عالياً بعقلانيتهِ ورَشاده، مُحلقاً نحو آفاق العلم الرصين، والثبات هو اجزى ما يستوطن مُهجته، ويتمتع بسمو ذكاءه الاجتماعي وزهو احتوائه للمواقف بكل حنكة وفن، والعلم نورٌ وضّاء يُضيء المَدارك ويرتقي بها لأقصى سلالم المعرفة والفِكر السديد، والغنى هو غنى النفس وملؤها بما ينفعها من علم ومعرفة وتهذيب للذات، وغنيمة القناعة والرضى التي تُعلينا طمأنينةً وسلاماً داخلياً، ودقة اختيار الحروف والكلمات في حواراتنا وانتقاء الانقى والارقى كي تبقى مخلدةً في العقلِ والقلب. ما أجمل أن يُعز الانسان نفسه بالعلم والتعلم وما ألطف أن تكون نظرته لتفاصيل الحياة إيجابية وفؤاده مُشبعاً بالتفاؤل والتلألؤ السامي، منعماً بالرحمة وتفاصيلها الحنونة التي تشبه علو الغيمة البيضاء في سِعه السماء الزرقاء حيث ان الرحمة حياة ومن يتحلى بها فقد حَيا، فجمال الرحمة تطغى على روح الانسان بهاءً وجاذبيةً بقلبٍ مشع بألوان الحنية التي لها رونقاً فريداً وتأثيراً واسعاً تتمركز في لُب الانسان كإشراقة الشمس المتجلية التي تعلو لتلون دُنيانا بأشعتها البراقة، وبألطاف نسيم الندى المنعش الذي يسمو بنا لنرتقي كفراشةٍ بأجنحةٍ زاهيةٍ وبروعة ألوانها الملفتة وحُسنها، العلم خيرٌ من الجهل، فالعلم نور للعقل وتاجٌ مرصع بالمجوهرات الفكرية والمعرفية الشامخة، أما الجهل على عكس ذلك تماماً فهو يقود بك للانغماس بالتوافه والغرق في بحر هائجٌ ومُعتم، العلم والتعلم رِفعة وعِزة للعقل البشري، تبّصر ذاتك جيداً أيها الانسان، وأكرمها بما يليق بها من علم ومعرفة وجَمال، فالجمال مكنون بالعقلِ والمنطق فإذا ارتقى العقل ونضج نقى اللسان وسَما، وأعلم أيها الانسان أن الله لا يكلف نفساً إلا بقدر استطاعتها وتحملها لأنه أعلم بك سبحانه من نفسك ويعلم ما تستطيع أن تتجاوزه كي تكتسب العبرة والقيمة المستفادة من الحياة.

أعجوبة معجزات الخالق

أ.بشاير خالد الصفران

أعجوبة معجزات الخالق

ليلةٍ كباقي الليالي الهنيّة يشيد عنوانها بديع الخلق الجليل، ففي وسط ظلام الليل الدامس كنتُ جالسةً اتأمل جمال تلألؤ السماء بالنجوم البراقة وبهاء البدر المنير في وسط السماء عالياً ومضيئاً، لوهلة عَلا معه فكري بأعجوبة واصبح مضيئاً كضياء وجه المؤمن النقي، حيث ابحرت بعمق المعاني والأماني التي ليست على الله مستحيلة، عندما اتبصر عظمة الله سبحانه وجلاله اشعر وكأن القلب يرتوي بماء عذبٍ يملئ الفؤاد ويطهره، وعندما اتبصر لطف الله الخفي بعباده وكأن القلب له اتصال بربٍ رحيم يشعر بحال عبده ليُخرجه من الظلمات إلى النور، ومن الجزع إلى الصبر، ومن القنوط إلى الأمل، معجزات الخالق تستحق التأملات، فكم من مريضٍ شفاهُ الله، وكم من حزينٍ جبر قلبه، وكم من مهمومٍ قر عينه، وكم من منتظرٍ أعطاه الله حتى ارضاه، هو الله ليس كمثله شيء في الأرض ولا في السماء، ومعجزات الله ليست كمثلها معجزات فهو يختار لنا ما هو الأنسب لحياتنا دائماً ويرتبنا ويرتب أمور حياتنا بما يراه خيرٌ لنا وتجهلهُ محدودية إدراكنا لخيرة الله واختياراته، هو الله الوهاب يهبنا من نعيم الدنيا والأخرة حتى يُرضينا ويجبر شروخ قلوبنا، هو الله السميع يسمع أنين اللب في غسق الليل ويرى جروح مُهجتنا لكنه ليس بغافل حاشاه جل جلاله، فسبحانه يعلم أنك قادر على تجاوز ما ينزل عليك من شدة، فاللطيف لا يحمل نفساً إلا وسعها، فعليك أن تعمل بالأسباب وتلجئ إلى الله حباً وطاعةً وتطلب منه طلب العبد التقي، أن يُذهب ما حل بك من سخط، وأن يُنعم عليك بالخيرات والعوض الجميل، فبعد الصبر عوض جميل من الله ومع العسر دائماً يسر وفتحاً من عنده جل جلاله، حيث اقسم الله سبحانه في كتابه الكريم مرتين في سورة الشرح تحديداً وقال: إن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا، ففي مجمل الآية الشريفة يتبين عظمه ولطف الله بعباده وان الشر يعقبه خير وان العتمة تعقبها رؤية ونور وان الحزن يعقبه فرح وهناء، فلا تظن أن الأزمات والمحن دائماً من غضب الله عليك وكن متيقظاً وتبصر جيداً أن أشرف الخلق الذين هم الأنبياء ابتلاهم الله سبحانه، فالابتلاءات ليست دائمة والأحزان ليست دائماً كالغيمة السوداء تلاحقك أينما ذهبت، دائماً هناك جانب مشرق في كل امر، وجه فكرك ونظرك للجانب الجميل في حياتك، تبصر عطايا الله لك وكن راضياً وقنوعاً بما لديك، ولا تمدن عينيك لما عند غيرك وأشعر بالامتنان والشكر لله عز وجل بكل ما انعم به عليك، فبالامتنان يطمئن القلب ويهدأ الفؤاد، لا تقلق حول أمور تظن انها تسير بميلان لكن تبصر قدرة الله وستدرك أنها مستقيمة، فمن كان مع الله لن يخيب ومن توكل على الله تباركت حياته بل والاجمل صحح له نظرته للحياة فأصبحت الظروف التي كان يراها ألم اصبح يراها خير من الله بل وأمل، فالقرب من الله دائماً حياة وهناء وخير، ما أجلً أن يكمن في جوهرنا اليقين والثقة بالله سبحانه، ففي سورة الزمر اية تحفها الطمأنينة من كل جانب، حيث قال تعالى: أليس الله بكافٍ عبده؟، هذا الاستفهام الذي يورث في القلب السكينة هذا السؤال الذي يضخ المهجة أماناً ويجدد الروح في الجسد، والجواب بين ثنايا العبد وقلبه، فأليس الله بكافيك أيها الانسان؟ أيها العبد المأمون لك ربٌ أقرب اليك من حبل الوريد، ولك ربٌ يقول ادعوني استجب لكم، ولك ربٌ امرهُ بين الكاف والنون، فليطمئن قلبك ولتهدأ نفسك فلك ربٌ قريبٌ مجيب.

الكاتبة: أ. بشاير خالد الصفران

مُقلة عينٍ جافة

أ.بشاير خالد الصفران

مُقلة عينٍ جافة

في ذات يوم كباقي الأيام المُزهرة كنتُ جالسةً اتأمل رسوخَ وشموخَ الأشجار، عاليةً بتفاصيلها الدقيقة والرقيقة، وبتفرعاتها الجذابة من جذورها وحتى أوراقها النديّة المُخضرة كأنها مرسومة بفرشاةٍ على الورقِ، وأرتشف قهوتي المفضلة مُحلقةً بجمالِ تلألؤ الأزهار برائحتها العطرة وتمايلها يميناً ويساراً بلطف النسيم المنعش، وفي حوزتي العبق الثمين الذي في لُبه السطور والحروف والكلمات المخلدة في العقلِ والقلب كتابي الذي استمتع بقراءته، واستشعر روعة امتزاج رائحة بُن القهوة وصفحات الكتاب، لوهلة وأنا مُنغرسة في ربوع تأملاتي ولحظاتي العذبة، إذ بصبيٍ حلّق من أمامي مع والديه ويبدو أن الصبي يمتلك من العمرِ ستة سنوات، فكان هذا الصبي يبكي فنظر إليه والده بحده وبنبرة حادة وقال له: كم لي أن أقول وأكرر أن الرجل لا يبكي، فرفع الصبي رأسه ينظر لوالده بهدوء واقفاً مصطنع القوة كي لا تأتيه سهام الحروف الناقدة التي تبعثر فكره، امتص الصبي دمعته وبلع ريقه وفي قلبه حكاية، وأسأله في لُبه بها علامات استفهام يريد لها الإجابة، انني اكتب هذه المقالة بغرض التوعية نعم جميعنا نريد أن يكونوا أولادنا رجالاً أقوياء لكن لا بد من أن يكون هناك ادراك ونضج فكري ومعرفي لفعل ما هو الاصح والاصلح لأولادنا وذلك حفاظاً على صحتهم النفسية وتكوين شخصياتهم، وذلك يجب عمل خطة تطبيق مدروسة لتكون النتائج إيجابية، أولاً وقبل كل شيء البكاء ليس عيباً ولا استنقاصاً ولا اهتزازاً كما يعتقد البعض فلو كان البكاء للرجل عيباً لما خُلق للرجل دموع، ثانياً الإنسان تحملهُ العاطفة مثل الجرة التي عندما تملؤها وتملؤها على حد الامتلاء إذا زادت عن الحد فاض أو انكسر فالحل هو ان نملأها بما تستطيع أن تتحمله كي يسهل علينا أن نُغلقها بإحكام، نحن في طريقتنا في التعامل مع هذا الصبي هي من تحدد هل سنبني رجلاً قوياً أم لا، فإما ان نسقي بلطف لنبني، ام نسقي زيادة عن اللزوم لنهدم، ام لا نسقي شيئاً فتصبح الأرض قاحلة، ففي طريقتنا في التعامل معه نجعله ينهض بشجاعة او ينتكس بسهام حروفنا المؤذية التي تخرج من افواهنا لتحرز هدفاً مؤذياً، ففي بعض الأحيان ما نستمع إلى أوهام ومعتقدات وخرافات جاهلية لا دليل لها ولا تفنيد، بل بسبب تداولها بكثرة صدقها الناس بدون سابق حساب، رسالة إلى الآباء الافاضل لا تضغط على اولادك أو تجبرهم قسراً على عدم البكاء لكونهم أولاد بل واذا بكى تُعايره! سيشعر هنا بالضعف، وانت في سلكك لهذا النهج لن تستطيع تحقيق هدفك الذي هو صقل شخصية قوية بل هنا انت تقوم بإنشاء شخصية هشة وضعيفة، نعم صحيح انت تريد ان تبني شخصية قوية لكن انظر لطريقتك في التعامل معه هل لها تأثير إيجابي ام تأثير سلبي، احتوي اولادك بحب وقم بتعزيز مميزاتهم وتنميتها وافسح المجال لهم بالتعبير عن آرائهم ومشاعرهم دون قمع كي لا يختبئ ابنك وراء قناع مزيف لا يُطاق ولا يُحتمل بل ويكتم الانفاس، قم بترميم شروخ لُبه واضئ مُهجته بالألوان البهيّة والبسمة الندية والكلمة الطيبة النابعة من صميم القلب، لا تغرس في عقول اولادك ان الدموع لا تنجرف من الرجل كي لا يعتقد ان البكاء عيب للرجل او ضعف، نُلاحظ بعض الأولاد يكون لديهم عنف زائد وذلك نتيجة الكبت والتراكمات فهو بحاجة إلى ملجأ آمن يبوح ما بداخله ويُعبر دون خوف من الجرح، وبالنهاية مع الكبت والتراكمات يكبر الصبي بمشاعر جافه وتبلد وذلك سيؤثر على صحته النفسية، لذلك منح الله سبحانه وتعالى البكاء للإنسان كي يشعر بالارتياح ويُخرج ما بداخله من سموم المشاعر السلبية، فانهضوا وتيقظوا من كهوف الجهل وكفوف الفكر المحدود فالإنسان بطبيعته يبكي ويشعُر ويتألم، وابرزها البكاء من خشية الله فهي نعمة من الله يؤتيها من يشاء.

الكاتبة: أ. بشاير خالد الصفران