بوابة أعضاء جدل, موضوعات متنوعة

الخدمة فائقة التميز – كيفيّة التفاوض في المناصب

نوره بابعير

الكتب المضيئة تحتاج إلى مساحة واسعة من الوعي لتوقظ فكر قارئها، أو لتمنحه إضافة تسهم في توسيع آفاقه نحو التقدّم الذي ينشده. هذا ما شعرت به عند قراءتي لكتاب “الخدمة فائقة التميز” للأستاذ عبدالله الحوطي، حيث تناول فيه مواضيع تتعلق ببيئة العمل المثقفة، والأساليب التي يحتاجها كل فرد لإبراز قدراته وإمكانياته في طريقه نحو التميز.

في البداية، قدّم الكاتب فكرة الخدمة بأسلوبٍ يعيد تعريفها لنا، ويجعلنا نمارسها بوعي منطلق من فهمٍ عميق، لا من عادةٍ مكتسبة. ثم أخذنا في رحلة عقلية متوازنة بين الفكر وثقافة الفعل، مؤكدًا أن من يمارس خدمة العملاء لا بد أن يتحلّى بسمات راقية تجعل من تعامله تجربة متناغمة مع تقبّل الآخرين له. كما أضاء على أهمية الأهداف والإنجازات الجماعية التي تعكس شخصية الفرد وتخدم بيئة عمله.

ما لفت انتباهي أنه كان يورد أمثلة واقعية تقود القارئ إلى استخلاص الحكمة من التفاصيل، بأسلوب يتقاطع مع الواقع الذي نعيشه. فقد جاءت أفكاره مترابطة بعمق، تُلامس الذات، وتدفع نحو تحسين الأداء، سواء في مفاهيم الحياة أو مفاهيم العمل، بحسب متطلباتهما. وليس غريبًا على الأستاذ عبدالله الحوطي أن يتحدّث عن التطوّر الذاتي والمهني؛ إذ استطاع من خلال هذا الكتاب ألا يكتفي بسرد مفاهيم الخدمة، بل بدأ بتعريفها من نقطة البداية، ليقود القارئ إلى أبعد مدى من الأثر، وهو يطرح الأسئلة ويثير الفكر حول اختياراته، مما يعزّز وعي القارئ ويجعله أكثر إدراكًا لما يحتاج فهمه.

الكتب التي تصنع من وعيك نضجًا ينعكس على أدائك هي أثمن الكتب، لأنها تتناسب مع قدراتك وتمنحك فرصة للنمو.

“الخدمة فائقة التميز” هو كتاب يجعلنا نعيد النظر في سلوكياتنا العملية، ونعيد تأهيلها لنكسب توازنًا أعلى في الأداء. النتيجة المتوقعة من هذا الوعي هي الإتقان في تنفيذ المهام، والتميّز في تقديم خدمة العملاء، وفنّ التفاوض، والتطوّر المهني الذي يصنع الفرق في بيئة العمل. ومن وجهة نظري، من المهم أن يحرص الموظف على جودة الخدمات التي يقدّمها للآخرين، لما لذلك من دور كبير في تحقيق التواصل الإيجابي، ورفع إنتاجية الأداء، وتحقيق الأهداف المؤسسية.

لكل مهنة أدواتها التي يجب تفعيلها بوعيٍ عالٍ، ليتمكن الإنسان من التميّز بما يملك من قيمة وثقافة. وقد تميّز الأستاذ عبدالله الحوطي بقدرته على تهذيب الأفعال، وتقديم المفاهيم بطريقة فعالة، تُلهم القارئ وتدفعه نحو التميّز، متى ما استثمر كفاءاته في ممارسة الخدمة بجودة ووعي.

وحين أقرأ مثل هذه القراءات المهمّة التي تُفعّل الأثر في حياة الإنسان، وأثر التدرج بين مراحل النضج المهني، أجد أنها تبني في العقل مفاهيم كانت غائبة أو غير مكتملة. فالسلوكيات الخاطئة قد تفسد على الإنسان عقله، وتنتقص من هيبته، بل وقد تسيء إلى البيئة التي ينتمي إليها. وكثيرون يفتقدون العقل النقدي الذي يجعلهم متصالحين مع ذواتهم، أو القادرين على تنمية مهاراتهم وخلق بيئة تليق بهم، من خلال تطوير أنفسهم وتوسيع آفاق ثقافتهم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *