عباس محسن
كتاب ذو وجه خفي فيسبوك السلاح السري ــ
الشاعر الاميركي :جاك هيرشمان
ترجمة: عباس محسن
الفيس بوك
الذي بدد الغيمة
التي كانت جاثمة على مِصر
وحركت الجبل النحاسي الجاثم
فوق رقاب الناس
كل شخص يملأه الابتهاج
كم جميل الآن ان تجلس
وتفرقع الفقاقيع المتطايرة
الشخص يمشي حراً،
المسير في الشوارع
جيئة وذهاباً
القلوب فرحة، الصدور مبتهجة
العين قرص خبزنا
العين خَمرَتُنا
القلم ،أُوه ، الكاتب ،هو طفلنا
افضل القبر المحفور
أفضل الفيس بوك الذي جعل خالد سيد في الذاكرة
من أجل كل ضربة على جسده
من أجل كل خدشه و لكمة
وكدمة ، ربما يعصبوا حدقة العين المجللة
لتصبح مثل لمبات منيرة على شجرة اللوتس
المنحدرة على ضفاف النيل.
منذ أسبوعين ، باكراً، من شهر ديسمبر
وتحديداً في العيد السنوي رقم 737 لذكرى وفاة جلال الدين الرومي
في كونيا، تركيا، في سيدي بوزيد، تونس،
بائع متجول عمره 26 عاماً
اسمه محمد بوعزيزي،
أشعل في جسده النار
بعد ان سقط في الإذلال،أُجبر ان
يترك مكانه لأنه لا يملك رخصة .
صفعه رجل الشرطة عندما أحتج على ذلك
من دون اي سقطة للمستقبل ومن لاشيء
وبلا اي شيء،صار جسده البشري
محمد الانسان .صار مشعلاً . يدار في أرجاء تونس
و قبضته المشتعلة
التي أحكمت حول السارق المستبد
حاكم تلك الأرض صار
متصدراً كل الأخبار والفيس بوك.
أصابعي على الأزرار محدقة ،
تكبس ،الشوق في توحد الروح مع هؤلاء في تونس
ميدان التحرير، مع شباب ولدوا من جديد
في كل انحاء المعمورة بطرفة عين مع أولئك
المتمركزين بين الناس كقطب الارض
اين هو وتلك الكلمات و الهتافات الثورية
تصدح في ميدان التحرير،
لكن جون روس ، وناره في البرج المدبب
متسلقاً للأعلى بعيداً عن الموت ليكون مع أُخوته وأخواته
وسط الاحتجاجات ،هناك
من يموت في تيبزو ، ميتشغان، مكسيكو ، اسبوع واحد
فحسب من قبل ان تأخذ الشارع القاهرة، وليس لدي ادنى شك
حتى في الموت جون واضعاً قدمه على الارض
ومُصرٌ بشدة على اداء الواجب في افريقيا الشمالية .
من جعل سيندور ليمينزو يُحيي شعر زاباتيشتا
في ثورة شعب المايا في المكسيك،
كاتباً شعر مقاومة، شعرا يمنح قوة ما بعدها قوة،
من يضع نفسه على عبوة ناسفة في طريق بغداد
بعد ان وضعت الحرب أوزارها،
مثل أشلاء البشر، يحمي العراقيين بشكل حرفي ومجازي كلاهما،
والآن حتى الموت نفسه لا يقدر على الاحتفاظ به بين كلِا فكيه
فهو معنا في الصعود والهبوط مسيطراً على تأكيد العالم المتوهج،
مع أسماء محفوظ ورايتها، نوال السعداوي، المؤمنة بالمساواة
الحزن المتفجر قبالة مجاميع زهرة الشمس
نعم، مع وائل غنيم والشعراء
أحمد فؤاد نجم، عبد الرزاق طارق الطيب
يحيى لبابيدي، ..المصري في المدن
الكل في كل مكان ، من رُفع ،
ومع الانكماش والانبساط على سطح الفيس بوك
العظيم جداً والقوي .
على الرغم من مئات الشهداء
فهم سريعاً ما يبعثون من جديد وكل الجروح تملأ بالضوء
وتسد التجاوزات ، الدموع المبذورة طمعاً واللانسانية
لأن الثورة امتدت
والمجد يبحث في كل عين
ما لم يقدر القدر بطبيعته ان يكون ربيعاً.
ملاحظة لابد منها:
كتب الشاعر هذه القصيدة بعد أن شاهد الشاعر هيرشمان في التلفاز المواطن التونسي البوعزيزي، وهو يحرق نفسه والتي على أثرها اندلعت أحداث ثورة تونس في 17 ديسمبر 2010.
ارسلت القصيدة الى الصديق المترجم احمد الجاسم وهو بدوره أرسلها لي لغرض الترجمة لانشغالاته وهو من عرفني على الشاعر هيرشمان.