نوره بابعير
مجموعة قصص قصيرة – قُصور المعرفة
1- ” حراك الداخل”
يفتش في منافذ الحياة ، يبحث عن قولهُ المستحق عن منطقيته في العقل ، كاد أن يخترق كل ما تلبس به ، تعثر في منتصفها ، كان يدرك حجم الإنصاف و مغالطة الأفكار لها ، لكنه لم يقف وقوف اليأس المعتقد في رؤية الأنظار ، تمكن من خلق المحاولة حين أراد أن يفصل الخارج عنه ، كان يعلم أن محاولة قاهرة مع محيطه الخارجي لكن افتعلها مرة ، وكانت المرة ترتبه و تربت على أكتافه ليكون مستعدا في وقوعالفشل مثل كل مرة ، لكن الإصرار يقتحم هزائمة حتى لا يفقد نفسه في الاستلام منذ بداية أمره ، أصبحت تتكاثر عليه المحاولات و الفشلقائدهما مثل كل مرة ، لكنه كان ينبت على فشلة بذرة قوة ، يعلم أن الخفي الذي بالداخل لا احد يقيم مصدره سوى يقينهم بحضوره رغمبعدهُ عنه ، كان يدرك كل ما يفعله رغم صخب الأشياء بين خطيئة تقع في مكانة الصواب و صواب يقع في مكانة الخطيئة ، يلزم عليه أن يقربذلك القول حتى يتمكن في جمع الشتات و الصورة التي لم تجتمع في داخله حتى يتفهم ما يبحث عنه منذُ الشعور و التبؤ بذلك ، كان يقتربمن شيء ربّما لا يتضح له ملامحهُ لكنهُ كان شيئاً يجذبه نحوه دون أن يتردد في القدوم إلى ذلك الاتجاه ، شعر أنهُ قد وجدها ، نعم وجدها وتبلل بوجودها في داخله حينها شعر أن لا شيء يعوضه مكانته سوى ذاته .
2- ” غليان الماء ”
مظلته تعطلت فما عادت تحميه من تبلل المطر ، كاد أن يغرق في تلك المياه، ثم قال : أيعقل أن الماء الذي يرويني ، كاد أن يحبس أنفاسي ،كان متعجبًا فيما أصيب ، متسائلًا عمّا يحدث ، أصبح مشوشًا لا يستطيع أن يحافظ على توازن الأمور ، فقد قدرته في حادثته ، عاريًا من الملامح لا شيء يهدئ رياحه من ذلك ، كان يظن أنه قريب من الوضوح ، لكنه تفاجأ مما انتابه من شعور مختلف لم يشعر به من قبل ، تفصلت الأشياء فوقها ، تبقت الأجزاء تبحث عن أجزاء أخرى ترتب مكانتها عليه ، كان في ارتباكها عالق ، لا يدري كيف يصدق الحقيقة من تلك الكذبة التي كانت تهيئ له الارتياح ، كان يخشى من لحظة أعتراف يلطخ الداخل من خطيئته ، حينها قال ، مظلتي العقلية لم تعد تسعفني في بعض الأحيان و أفكاري لم تعد درع حمايتي في كل الأوقات ، لقد خشيت من حقيقة القول أن العقل لا يؤهلني في المناجاة ، و الأفكار لا تبني لي بيوتًا أسكن بها بكل اطمئنان .
3- ” مخالطة الأنفس ”
كان متكلفًا بإتقان قيد الآخرين ، تحت إطار التقاليد ، لا شخصية له ، كان يفعلها كل مرة ، دون أن يشعر بالضجر ، كان الرضى يملؤه ،فيما يتجسده من الآخرين و انتقاله بينهما دون أن يسترجع هويته ، أصبحت عادة يمثلها كل يوم ، ولم تعد تصف انعكاس أفعاله لها ،تمكنت القيود في حصارها و تمكن معها دون أن يتطرق لنفسه ، و لو بزاوية منه ، كان يركض خلف الأشياء ، دون التفكر أو الإنتباه إليها ،كان يخيط الأسباب ببعضها ، حتى لا يجد رقعة ثوب تفسد مجملها عليه ، كان عميقًا بالآخرين ، إلا نفسه يتعمد في سطحيتها ، حتى لايصدم باختلافه عنهم، ربما اعتاد أن يعيش فوق غيره ، و لا يقوى بأن يخوض شخصية مستقلة ، تفرض على الآخرين مطالبها ، دون أنتتلبس في مخالطة الذوات الأخرى ” كان قريبًا من كل شيء، إلا ذاته بعيدة عنه” .