نوره بابعير
يبقى الإنسان فارغًا حتى تأتيه لحظة الامتلاء ومن تلك اللحظة تحدث الرياح ما تفعله بطبيعتها فينقلب الإنسان رأسًا على عقب وكأنها النفضة الأولى ليدرك أنه حياً على هذه الأرض .
فطرة الإنسان إختلاق حياة تليق به ، ومن هذه الزاوية تنقسم الخيارات البشرية بقدر أولوياتها و غايتها . يعني كل إنسان يبني حياة تشبه وفي حياة تبنّي أشباهها عليه لكن يعود الإكمال فيها أو التوقف عنها له .
يبدأ وكأن لا شيء ينبت على أكتافه يفعل وكأن لا شيء يعيق أفكاره يتسابق مع الأوقات ويظن أنهُ متوازنًا لها مهما ارتفع أو أخفق ، غالبًا ما يفهم الإنسان إلا بعد الوقوع أو الغرق في أعماق الأشياء ثم تحدث الالتباسات داخلية إتجاه كل ما مر عليه تصبح البدايات نهاية لمفاهيم أقوى من قديمها في ذاكرة رأس .بل هناك متسع قائم فوق تلك البدايات لتأخذ العقلانية في مستويات الأحداث و المواقف البشرية و الحياتية تمامًا ، تترك في الإنسان تساوي الأتزان فيما وقع به وحل عنه . لكن رغم ذلك يرى أنه في صف المعرفة المطلقة نحو كل ما يقوده أو ما يقيده .
مشكلة الإنسان أنه متيقن في معرفته للأشياء وأحيانا اعترافه لهذا الشعور قد يضعه في جهلها ، الجهل يشبه النار حينما يقتحم العقل يحرق كل أفكاره المخزونة من خلال اجتهاده فتصبح العقول أبواب مشرعة . كل ما تحدثت عنه هي عوائق قد تفسد على الإنسان رؤية الأمور بالطريقة الملائمة معها ، وقد تأخره في استيعابه لكل ما يمنعه في تطوير حياته .
مستمر فيما يملك كل حواسه تخبره بآنه متماسك في وجه الحقائق التي تدفعه لتحسين أوضاع حياته ، لذلك دائمًا العتمة لن يفهمها الإنسان منذ بداية حدوثها به لن يستشعرها جيدة لن يتقيد به أو يسقط من داخله حتى تتشبع به حينها يحتاج إلى محاولة واحدة تنقذ انفاسه من ذلك الاختناق المتمكن منه .
هنا أستطيع أن أخبرك بأن التغيرات تأتي مع أول شعور بالاختناق يبدأ الداخل يخلق مؤشرات ذاتية ترفض الإكمال بها تتحول إلى تثاقلات غير قابلة للبقاء ، من تلك اللحظة تأتي صحوة الإنسان إتجاه علمه المستحق منه و الأهم من كل تلك التراكمات البدائية لتكوين مقدمة ذاتية عليها أن تصنع لنفسها ذات غنية بمفهومها القيم(النضوج)
يتغير الفكر و يتغير الأسلوب ويتغير المفهوم ككل يشعر بآنه خلق من جديد بالصورة المناسبة له . يبدأ يسترجع كل ما استذكره يدرك أن النقص الذي كان متغيبًا عنه هو الفهم من غاية أحداثه الدائمة عليه . أما الاهتزاز الذي يصيبه هو نجاة غير مباشرة لن يفهمه أحد حتى يتلقى من كأس مرارة الحياة .
كلما توقف الإنسان زادت معرفته إتجاه نبتته ، أصبح الألم ليس هزيمة أو ضعف يأكل داخله حتى ينسحب من إكمال سيرته الذاتية أو تغييرها للأفضلية المفترضة عليه بأن يفعلها كإنسان طبيعي بل هناك قوانين يستطيع الإنسان يعمل بها مجرد ما تزيد من خبرته الفكرية و الفعلية نحو امتحانات الحياة له ، حتى المفاهيم تتوسع بمطلق الفهم نفسه .
مجرد ما يلجأ الإنسان للمحاولات و التحولات هنا أجاد الميزان المحكم في إختلاق صحوة جديدة في نجاته ، الدوافع ايضآ تأتينا مع التحولات .
حينما يضع الإنسان الألم محرك دائم في اندفاعه للأمام أو نقطة توقف إلى تأمّلات فيما صدر منه دون انتباه ، أو محاولة في نفس الأمر لكن بأساليب مختلفة ، كل هذه الأفعال قادرة أن تصنع نبات الإنسان في كل مرة يتعرض إلى ذبول مفاجئ يفسد عليه الاستمرار في حياة جيدة .
بعد ما يمضي على الإنسان ما مضى منه من العوائق و التجارب يصبح النضوج يأخذ دوره من زواياه فيظل الإنسان خفيًا بما يفعله النضج منه ، وقيمًا بما يدرك من ذلك الوقوع .
” لذلك ينبت الإنسان حينما يذبل ،كلما تعرض إلى الاساءة كلما زادت الحياة في أحياء نباته تجاهها “