حين تنفذ الحلول.. نلجأ للمستحيل

مريم عادل

هناك فيلماً هوليودياً اسمه ” blood red sky ” شاهدتهُ على منصة نيتفليكس قبل عدة ايام، في البداية تمكنوا من خداعي في وصفه فيلماً.

لم يكن هناك كلمة أو عبارة تدل على وجود فكرة المسوخ “مصاصي الدماء” الفكرة التي لا أحب مشاهدتها أبداً، فلا أجد منها ايُّ فائدة إلا ارعاب المشاهد واثارة اشمئزازه بفكرة وهمية يخلوا منها عالمنا الحقيقي..!

تدور أحداث الفيلم حول رحلة جوية على متن طائرة تنتمي الى خطوط الطيران (ترانس أتلانتيك) رقم “473” المتوجه الى (نيويورك).

وهناك امرأة تدعى “نادية” هي ام وزوجة ذهبت مع زوجها وابنها الرضيع “إلياس” الى مكان يحيط الثلج بهم من كل جانب، وعند انتهائهم من نزهتهم تفاجؤوا بعطلٍ أصاب العربة التي كانت تنقلهم.

ذهب الأب باحثاً عن شيء او احدٍ ما لمساعدتهِ في اصلاح تلك العربة اللعينة التي كانت سبباً لخوض الأم في متاهات ومعانات سوداوية جداً ..!

عند تأخر الأب حملت ابنها وذهبت للبحث عنه لتجد بيتاً متروكا وسط الغابة، تجرأت في الدخول وشاهدت زوجها مقتولاً ومرمياً على الأرض ليهاجمها بعد ذلك مصاص الدماء.

ومن هنا تبدأ حكاية الفلم بتحول الأم الى ممسوخة…

عانت الأم الويلات وتذوقت المرار فكانت كل ما ترغب في تناول اللحم وشرب الدم تشتهي ولدها القابع امامها لتعيش في صراع مخيف بين ماتشتهيه وبين اجبار نفسها في الأبتعاد عن لحق الأذى بولدها المسكين..

تستمر الاحداث بصراعات قوية وإثارة رائعة وابراز دور المسلمين بطريقة مثلى واسلوب لم اعتد مشاهدتهُ في الأفلام الأجنبية التي تصور المسلم في غالب الأمر على انه شخص عدواني غرائزي لا يأبه بالنساء الا لغاية واحدة فقط وعدا ذلك هي لا تساوي شيئاً ابدا !

فاجأني كاتب العمل “stefan holtz ” في طريقة طرحه لشخصيتين مسلمتين هما “فريد و محمد” اللذان جسدا اسمى معاني البطولة والتضحية والفداء والانسانية المفردة الشاملة لجميعهم.

و مخرج العمل “peter thorwarth” الذي اوصل معاني تلك المفردات دون نطق العبارات..!

كل ذلك وضعتهُ في كفة والدقيقة 1.42 من الفيلم وضعتها في الكفة الاخرى التي رجحت لدي، حين وصل المطاف بنادية الى مشارف النهاية تلك النهاية التي دفعت إلياس للجوء الى جرح نفسه كي تشرب امهُ دمه ليبثُ فيها الحياة ..!

ذلك الطفل مع نادية اوصلوا لي معاناة الأنسان في مجاهدة رغباته فهو اراد احتضانها بعدما استفاقت وهي حاولت درء نفسها عنه بملامح يقطر العذاب منها وبغريزة تدعس بقدم القدر!!

القدر الذي اجبرها على الوصول الى اعلى مراتب تحدي الشهوة العارمة في القض على ابنها عند ذلك الحدث الحزين المليء بالمعاناة الأنسانية..

في نهاية الفيلم عندما شاهد إلياس والدته فقدت كل اسلحتها في مقاومة نفسها لألتهام ابنها، قرر ذلك الولد الصغير في الدقيقة 1.58 اللجوء الى ضرب من ضروب المستحيل اكراماً للمنقذ فريد.!

انصحكم بمشاهدة هذا الفيلم الذي جعلني اعدلُ عن رأيي في التعميم لفكرة بصريح العبارة اشمئزها جدا..

لكن ذكاء الكاتب فرض عليّ اسلوبه وفكرته من خلال فرضية المسوخ تلك فنسج مشاهد تتلخص فيها الحروب الذاتيه التي نتعايش معها يومياً متفادين احتمال تغلبها علينا بوهم غرور الانتصار الذي يسيطر على عقولنا.

لكننا نحاول مرة تلو الاخرى متشبثين بعنادنا تجاه القدر المحتم والواقع الرياضي الذي من غير الممكن لديه ان نضع اشارة الزائد بدلاً من الناقص وندرك نفس النتيجة!

هذا الواقع الذي نجرب معهُ شتى انواع الحلول والتبدلات وعندما لا يستجيب نصدمهُ بقوة فعل المستحيل..!.

أن أنتقم

تسنيم

أن أنتقم

الانتقام كصرير أمل عند بعض النفوس الكسيرة، كأنه حاجة ملحة مرتبطة براحتهم ، و ينبع هذا كله من شدة ماكانوا يعانون الأذية ثم الإحساس بالدونية. إن أبسط الأمور التي منها يتحفز شعور الانتقام هو ذلك الخذلان المتواصل في نفس المنتقم ، وقد يختار الانتقام كسلاح لاثبات وجوده.

إن التفكير بالانتقام يأخذ منهم الكثير..استنزاف المشاعر، تهميش العقل ، ثم تكليف القلب بما لا يطيق. فهو يبدأ بالتساؤلات التي لا تنتهي و التي لا يجيبها إلا بنفسه مثل لماذا أتوقف عن التفكير بالانتقام؟ لماذا أسيطر على مشاعري السيئة أمام هذا المؤذي؟ لماذا لا يذوق ما أذاقني؟.. والكثير من التساؤلات التي تؤذي النفس وتغيرها للأسوء من غير أن يشعر بذلك.

كيف نصل لحقيقة أن التفكير بالانتقام مدمر للنفس؟
عندما تصل هذه النفس إلى أعلى مراتب الأذى ستتملكُها القسوة وتتمتع بالتشمت و يغذيها احتقار هذا الآخر ، و قبل هذا كله نسيان أي ذرة خير من المؤذي.

إن الثقة بالله ليست كلمة تقال على هامش الحياة،إنها كلمة وفعل عظيم يغذي النفس بل ويزيدها صرامة. قد يرى البعض أن ثقته بالله هزيلة ، فيُسير النفس إلى الانتقام لوحدها، ولو أنه تمهل وتمعن قليلاً لوجد أن الله تعالى يعلم خبايا البشر إذاً يعلم كيف يمكن محاسبة هذا المؤذي وأين و في أي وقت ، وستجد الله سبحانه يمتعك بالانتقام لك و يذيقك حلاوة النصر، ثم قد لن يسوقه الله تعالى إلى يدك بل تجده خاضعاً للظروف التي كتبها الله له و المهالك التي قد دمر مثلها غيره و ها هي تدمره، فما ألذه من انتقام.

في النهاية.. الانتقام لن يستوفي النفس حقها ، و سنظلمها دون علم، فلنختر الإجابة الصادقة لتساؤلاتنا و لنبتعد عن الانتصار الوهمي.

تسنيم

الفمنيست وحقوق المرأة

رحاب إبراهيم عجم

الفمنيست وحقوق المرآة

تدعو منظمات حقوق المرآة في الوطن العربي بالمساواة بين الرجل والمرآة، والمطالبة بحقوقها في جميع مجالات الحياة.

لكن السؤال الذي أطرحه “ما السبب الذي أدى إلى ظهور النسوية في بلادنا العربية؟!

هل كما يقول البعض بأنها أمور صدرها الغرب إلينا لإفساد المرآة الشرقية المسلمة، أم لأن المرأة تعاني في

الوطن العربي وتُظلم…

في رأيي إنه طالما تلك المنظمات شغلت حيزاً من تفكير المرآة العربية فهذا يعني إنها فعلاً تتعرض للاضطهاد

والظلم لذا ستلاحقها المرأة العربية لتحظى ببعض الحقوق المهدورة حتى وإن كان العسل يُدس به السم.

إذاً كيف ظُلمت المرأة في الوطن العربي!

ظُلمت المرأة عندما تم الإبتعاد عن الدين من قبّل الطرف الأقوى، الدين الإسلامي الذي حمى المرأة من الوئد

رضيعة،وأعطاها حق الإرث بعدما كانت تورث كالجمادات والبهائم، أعطاها الحق في اختيار الزوج والتعلم، الدين

الذى أوُصي عليهاووصفها بالقارورة لفرط رقتها التي لا تتحمل الضغط أو التعنيف في الوقت الذي كان فيه

الغرب يقتل المرأة باسم الدين الذي نشر الخزعبلات المستلهمة من الأفكار العنصرية على أن المرآة عمل

الشيطان.

وأصبحت المرأة في وطننا العربي مجرد جسد وشهوة بلا عقل أو قلب عند الأغلبية ولم يعد لها حق اختيار الزوج

أو التعلم أو أي شيء بحجة إنها ناقصة عقل ودين، وشتان ما بين ما يفهمونه وما يجب عليهم فهمه والمغزى

الحقيقي من ” ناقصة عقل ودين”، والمعنى الحقيقي من ناقصة عقل؛ أنها تستخدم عاطفتها أكثر من عقلها،

فلو خُلقت المرأة كالرجل لكرهت الطفل الذي تلده لشدة ما آلمها، لو كانت المرأة ناقصة عقل كما يفهم بعض

الرجال ما كانت ظهرت عالمات كسميرة موسى وهايدي لامار ومهندسات زها حديد وغيرهن الكثير والكثير، يا

سادة المرأة ناقصة عقل لأنها تحب أكثر مما تفكر بالمنطق، أما ناقصة دين فهذا بسبب طبيعتها التي خلقها الله

بها لتستمر الحياة على الأرض، لكن رغم ذلك ينفر الكثير من المرآة الحيضة وعاملها الجميع على مر الزمان

بطريقة بشعة؛ فكان قديماً يخرجوا المرآة الحيضة إلى الصحراء وحدها ظناً منهم بأنها تنزف نزيف لولد

شيطاني، وفي بعض الكتب؛ كتب عن المرأة بأنها تنزف كل شهر لأنها كائن لعين ويجب هجرها وعدم لمسها أو

إطعامها، بل يجب أن تدارى عن الناس وتطعم نفسها بنفسها، وكثير من الخزعبلات التي أودت بحياة الكثيرات،

والحمد لله أن الإسلام جاء وخلص المرأة من كل تلك الخزعبلات.

لذا من المخزي أن يردد البعض الآن أن المرأة نجسة لذا حُرم عليها في فترة حيضها الصلاة والصوم؛ لا لأن الله

رحمها في تلك الفترة لضعفها؛ لأنها تنزف وتعاني خلالها من الإكتئاب وتغير في المزاج والإرهاق والكسل

والخمول وانخفاض في مستوى الدم، صعوبة السيطرة على الأعصاب، فرط الحساسية، وتعب جسدي أحياناً

يكون لا يُحتمل… ثم يأتي البعض الآخر ويقول إنها تتدلل.

مُنعت المرأة في فترة كبيرة من التعلم بحجة ضرر الاختلاط، لكن لماذا لم تُأسس لها المدارس والجامعات

الخاص بها، لماذا لا يعطونها حريتها مع حمايتها، لماذا لا يُبنى لها المؤسسات الترفيهية الخاصة بها كالرجال…

هل لأنها مرأة، لا تهم!.

كما حُرمت المرأة من اختيار الزوج واختيار التوقيت المناسب لها، حُرمت من ميراثها وذلك لمصلحة تعم على راعيها الذكر.

لم تقيد حرية المرأة في ما سبق ذكره إلا لشعور بالدنو ناحيتها، لذلك أصبحت المرأة في وقتنا الحالي تهرول

خلف أي شعار يحقق لها رغباتها المكبوتة حتى وإن امتلئت تلك الشعارات قد تجور على حقوقها الطبيعية التي خلقت عليها.

الرجل والمرأة متساويان مع اختلاف طبيعة كلاً منهما، فكلاهما إنسانان.

وساد الظلم أكثر عندما ظهر مفهوم آخر للمرأة العاملة على إنها فاسقة تريد الاختلاط بالرجال، إلا أن بحث

المرأة عن العمل لم يكن إلا أنها لا تلتمس الأمان من الرجل في المركز الأول…

فبعض النساء تُهان وتُعنف ويُبخل عليهن باحتياجاتهن المادية وكذلك المعنوية في بيت الزوج أو حتى في بيت

الوالد رغم القوامة التي كُلفت عليهم برعايتهن وتحقيق احتياجاتهن كما عليهم تحقيق الرفاهية على قدر

المستطاع…

وفي المركز الثاني ليس حراماً أن تحقق المرأة أحلامها وتبني كياناً خاصاً بها.

لكن سؤالي الأكبر لماذا كلما نشرت عن حقوق المرأة اتهمتني النسويات بالتخلف والرجعية، واتهمني الرجال

بالنسوية المفرطة؛ لدرجة إنني لا أعرف في أي طرف أكون!؟….

لكن ما لاحظته أن الرجل يفضل أن يمرض على أن يقرأ عن حقوق المرأة، وأن المرأة النسوية يعجبها كثيراً التذمر على كل شيء.

بقلم/ رحاب إبراهيم عجم

معلمة مدرسة

مي الخلاق

عندما تنضج…✅

عندما خلقَ الله هذا الكون جعلَ له مركزاً واحداً، لكنّه بطبيعةِ الحال ليسَ أنت، ولا أنا…

مركزُ الكون بعيدٌ تماماً عن شخصِ أيّ إنسان، لأنّ حياتك لن تتوقف هنا أو هناك…

ستدركُ ذلك عندما يبدأ قطار ُ حياتك بالمضي سريعاً بين المحطات المختلفة…

ستكبر… وستنضج…

ستدركُ حينها أنّ تفاهاتِ الحياةِ وسطحيِاتِها باتت بعيدةً جدّاً عن إهتماماتك..

لن يجذبك ذلك الشخصُ الذي كنتَ تعتبرهُ مركز حياتك وكل آمالك…

ستتوقف عن ملاحقةِ الأشخاص الذين يديرون ظهورهم لك..

لنْ تزعجك الوحدة…

لن تؤثّر فيك الكلماتُ الجارحة التي يتلفّظُ بها اللاهون…

لن تكثرت لقولٍ أو عملٍ أو تصرفٍ لا يروق لك..

ستتعلّمُ كيف تجمعُ كل زوائد وترّهاتِ هذه الحياة وترميها وراء ظهرك… تدوسها بقدميك وتعبرُ من فوقها، وتسخر من ذلك اليوم الذي كانت الكلمة وحدها كفيلةً بتغيير مِزاجك…

ستتنازلُ عن كبريائك وغرورك حين تدرك أنّ هناك الكثيرون ممن هم أفضل منك، ولكنّكَ ستدرك أيضاً أهميّة ذاتِك…

ستبحثُ عن الشيء الوحيد الذي كنتَ تفتقده ولا تعيره أي اهتمام: راحة بالك وسعادتك الداخليّة…

ستصغي لما تُحب وليس لما أُجبرتَ عليه..

ستُجالسُ الأشخاص الذين ستستمعُ معهم، وليس من فُرِضوا عليك…

ستقول الكلمةَ التي ستشعرُ بها، وليس تلك التي ترضي الآخرين…

ستبحثُ عن سعادتكَ في داخلك، بعيداً عن قلوبِ وعقولِ الآخرين حيثُ ظننتها هناك …

ستفخرُ بالإنجازاتِ التي حقّقتها لذاتك دون مساعدةٍ من أحد…

ستُعيدُ ترتيب أولويّاتك واهتماماتك وهواياتك وأفكارك التي بعثرها الزمن…

ستدرك كم فاتكَ من أمورٍ جميلةٍ كان يمكنُ أن تفعلها بينما كنت أنت تبحثُ عن أشياء أخرى لا تشبهك …

ستُمتّعكَ تلك التفاصيل الصغيرة التي كُنتَ تظنّها سخيفة..

لن تخجل من قولِ كلمةٍ تريدها أو فعل عمل يريحك..

ستدرك أن مفتاح حياتك بيدك.. لا بيد غيرك..

وحين تصلُ إلى تلك النقطة من حياتك لن تلتفتَ بعدها إلى الوراء…

ستدركُ حينها أن حياتك أصبحت مكتملة، وأن أيّ شيءٍ جديدٍ يحدثُ فيها هو إضافةً لها، إضافةً فقط..

ستمضي في حياتك وستهملُ ما فاتك..

وستبحثُ فقط عن سعادتك!

مجموعة قصص قصيرة – قُصور المعرفة

نوره بابعير

مجموعة قصص قصيرة – قُصور المعرفة

1- ” حراك الداخل”
يفتش في منافذ الحياة ، يبحث عن قولهُ المستحق عن منطقيته في العقل ، كاد أن يخترق كل ما تلبس به ، تعثر في منتصفها ، كان يدرك حجم الإنصاف و مغالطة الأفكار لها ، لكنه لم يقف وقوف اليأس المعتقد في رؤية الأنظار ، تمكن من خلق المحاولة حين أراد أن يفصل الخارج عنه ، كان يعلم أن محاولة قاهرة مع محيطه الخارجي لكن افتعلها مرة ، وكانت المرة ترتبه و تربت على أكتافه ليكون مستعدا في وقوعالفشل مثل كل مرة ، لكن الإصرار يقتحم هزائمة حتى لا يفقد نفسه في الاستلام منذ بداية أمره ، أصبحت تتكاثر عليه المحاولات و الفشلقائدهما مثل كل مرة ، لكنه كان  ينبت على فشلة بذرة قوة ، يعلم أن الخفي الذي بالداخل لا احد يقيم مصدره سوى يقينهم بحضوره رغمبعدهُ عنه ، كان يدرك كل ما يفعله رغم صخب الأشياء بين خطيئة تقع في مكانة الصواب و صواب يقع في مكانة الخطيئة ، يلزم عليه أن يقربذلك القول حتى يتمكن في جمع الشتات و الصورة التي لم تجتمع في داخله حتى يتفهم ما يبحث عنه منذُ الشعور و التبؤ بذلك ، كان يقتربمن شيء ربّما لا يتضح له ملامحهُ لكنهُ كان شيئاً يجذبه نحوه دون أن يتردد في القدوم إلى ذلك الاتجاه ، شعر أنهُ قد وجدها ، نعم وجدها وتبلل بوجودها في داخله حينها شعر أن لا شيء يعوضه مكانته سوى ذاته .

2- ” غليان الماء  ”
مظلته تعطلت فما عادت تحميه من تبلل المطر ، كاد أن يغرق في تلك المياه، ثم قال : أيعقل أن الماء الذي يرويني ، كاد أن يحبس أنفاسي ،كان متعجبًا فيما أصيب ، متسائلًا عمّا يحدث ، أصبح مشوشًا لا يستطيع أن يحافظ على توازن الأمور ، فقد قدرته في حادثته ، عاريًا من الملامح لا شيء يهدئ رياحه من ذلك ، كان يظن أنه قريب من الوضوح ، لكنه تفاجأ مما انتابه من شعور مختلف لم يشعر به من قبل ، تفصلت الأشياء فوقها ، تبقت الأجزاء تبحث عن أجزاء أخرى ترتب مكانتها عليه ، كان في ارتباكها عالق ، لا يدري كيف يصدق الحقيقة من تلك الكذبة التي كانت تهيئ له الارتياح ، كان يخشى من لحظة أعتراف يلطخ الداخل من خطيئته ، حينها قال ، مظلتي العقلية لم تعد تسعفني في بعض الأحيان و أفكاري لم تعد درع حمايتي في كل الأوقات ، لقد خشيت من حقيقة القول أن العقل لا يؤهلني في المناجاة ، و الأفكار لا تبني لي بيوتًا أسكن بها بكل اطمئنان .

3- ” مخالطة الأنفس ”
كان متكلفًا بإتقان قيد الآخرين ، تحت إطار التقاليد ، لا شخصية له ، كان يفعلها كل مرة ، دون أن يشعر بالضجر  ، كان الرضى يملؤه ،فيما يتجسده من الآخرين و انتقاله بينهما دون أن يسترجع هويته ، أصبحت عادة يمثلها كل يوم ، ولم تعد  تصف انعكاس أفعاله لها ،تمكنت القيود في حصارها و تمكن معها دون أن يتطرق لنفسه ، و لو بزاوية منه ، كان يركض خلف الأشياء ، دون التفكر  أو الإنتباه إليها ،كان يخيط الأسباب ببعضها ، حتى لا يجد رقعة ثوب تفسد مجملها عليه ، كان عميقًا بالآخرين ، إلا نفسه يتعمد في سطحيتها ، حتى لايصدم باختلافه عنهم، ربما اعتاد أن يعيش فوق غيره ، و لا يقوى بأن يخوض شخصية مستقلة ، تفرض على الآخرين مطالبها ، دون أنتتلبس في مخالطة الذوات الأخرى ” كان قريبًا من كل شيء، إلا ذاته بعيدة عنه” .

الأدب الياباني بعد الحرب العالمية الثانية: “حب محرم” نموذج

دعاء تيسير

“أليس الأوروبيون بقسوة روحهم هم مَن تنقصهم الرشاقة الضرورية لفهم الأدب اليابانيّ؟”.

بعد الحرب العالمية الثانية مباشرةً بدأ الأدب الياباني مرحلة إعادة تشكّل أو ولادة، وقف فيها الأدب كطفل يحاول المشي من جديد، وكان طفلاً كاملاً وجميلاً جمالاً آسيوياً خالصاً لا يختلط بشُقرة ولا زُرقة تامة.

كان لا يزال محافظاً على السّحرية السّردية الوصفيّة الأدبيّة الإبداعيّة، واللغويّة الشعريّة الإيجازية لكنه أضاف حينها جزئيّة ستختفي فيما بعد كلياً تقريباً حين يقرر التوجه إلى ما يحمله الأدب الغربيّ والفن الغربيّ ككلّ.

وهذه الجزئيّة بالضبط هي ما جعل الأدب اليابانيّ حينها أكثر الآداب إثارة للاهتمام عالمياً، حافراً له مكاناً مهماً في الأدب: تحليل الطريق النفسيّ والأدبيّ للكاتب خلال عمله وشخصيّاته مشاركاً القارئ تلمّسه واكتشافاته في العتمة.

مثلاً:

بعد أن كان الفنان اليابانيّ بطل الرواية قبل الحرب، يتسلّق جبلاً هائلاً ومتأبطاً لوحته الفارغة ومتأملاً السماء والجبال المحيطة والطبيعة الصخريّة الجبليّة في رحلته، متسائلاً في عقله عن مكمن الروح في الأشياء وصورتها التي قد تظهر بها،

عاد هذا الفنان بطلاً في الرواية بعد الحرب متأبطاً نفس اللوحة الفارغة ومتسلقاً نفس الجبل الهائل، متأملاً وجهه في صفحة السماء والعقبات الصخريّة المعنوية التي تجرح ساقيه القويّتين متسائلاً إن كان هناك روح فعلاً في داخله وإن كان لها حتى معنى كما هو مزعوم!

وبدلاً من أن يصل الفنان في الرواية الأولى إلى قمة الجبل ملتقياً معلمه الشيخ الجليل في موعد قديم بينهما، وفي خلفية معبد بوذيّ مهيب ليسأله بإجلال كيفية الإرتقاء بتعاليم الحياة،

يصل الفنان في الرواية الثانية إلى قمة الجبل ملتقياً صدفةً مالكة وديعة للحمام الشمسيّ الذي يزوره الأدباء والفنانين عادةً في الربيع، فتُصغي المالكة لتساؤلاته النفسيّة عديمة الأجوبة وعُقده الفلسفية العدَمية وقد وجدت نفسها في النهاية واقعة في حب كل نواقصه المشوّشة!

وبينما يُغلق القارئ الرواية الأولى على مشهد اللوحة المنعشة للروح، والتي رسمها الفنان بريشة عريضة يُظهر فيها خلفية طبيعية يتقدمها بريشة نحيلة فتى متأمل يرتدي كيمونو زاهٍ يتناسب مع ألوان الخلفية المتناسقة ويجلس الشيخ متأملاً لوحة تلميذه،

يُغلق القارئ الرواية الثانية على مشهد غرق في انتحار جماليّ مزدوج للفنان والمالكة العاشقة معاً، واللوحة الفنية اليتيمة المعلقة على السانِد تصوّر تقليداً للوحة الشهيد القديس سيباستيان!

ولا يفوت القارئ الفارق في الحشوة بين البداية والنهاية، الفنان الأول كان “هنا” بينما الفنان الثاني لم يكن هنا ولا هناك! والفارق ليس بين حياة الأول وموت الثاني، بل بين الحياة واللاموت!

في المراسلات بين كاواباتا الحائز على نوبل في الآداب وتلميذه ميشيما اللذان اشتُهرا بالضبط في الفترة التي تلَت الحرب، نجد ظلاً واضحاً ومرئياً لميشيما الذي جسّد نقطة التحوّل هذه في الأدب اليابانيّ.

يظهر ميشيما في الكتاب روائيّ أدبيّ واعد وشاب مفتون بالتفاصيل: بالأدب، والتحليل الأدبيّ، والنقد، والشجاعة، والشباب، والفكرة العدَمية للحياة، بالموت والعنف، بالجمال والوجود، وميشيما المفتون بقوة جسده!

“حين يقوّي المرء جسده، يبلغ أوج الشِّعر”.

وفيه أيضاً ميشيما الذي يعشق الشيء حدّ قتله، أو كما تقول الأسطورة اليابانية: يعشق الشيء حدّ أكله!

وفيه ميشيما القلِق، رغم كل ما يظهر عليه من قوة وثقة، من زواجه ومن طفلته الرضيعة التي لا تكفّ عن توزيع الابتسامات كلما رأت والدها، وعلى أطفاله بعد موته، وعلى إبداعه الذي لطالما جعله يمزّق الأوراق ويُعيد تحبيرها.

في “حب محرم” لميشيما، تبحث الشخصيات عن حقيقتها ورغباتها وميولها، وتدرس كل شخصية تأثيرها الخاص على الأخرى بكثير من التحليل والتركيز، بعضها بسحق قيمة الذات كلياً وبعضها بوضع الذات كبؤرة تركيز في وجوه الشخصيات الأخرى.

في الرواية، “شنسوكي” هو روائيّ شهير وعجوز ستينيّ وُلد بالقُبح وعاش بالقُبح، وكان يرى القدَر بعين مرآةٍ له تتربص وتفسخ علاقاته، خاصة المتعلقة بالنساء، كنسيج قماش رخيص.

يكتشف، بفضل وجوه الشخصيات النسوية الجميلة التي عرفها في حياته، أن غياب الجمال كلياً عن وجهه يعني بالضرورة أنّ هناك تناسب حضوريّ جماليّ يُفضي إلى حقيقة أن النساء أيضاً يغيب عنهنّ شيءٌ آخر ألا وهو الروح!

فيمتلكن بدلاً عنها إرادة جامدة تتكفّل بسير حياتهنّ وتصرفاتهنّ بلا معنى للروحانيّة ولا العاطفة التي لطالما وُصفن بها، ولا حتى في أنقى صورها كما الأمومة مثلاً.

وأنّ التعامل معهنّ يجب ألا يتجاوز صورة التعامل مع قطعة خشب أو قطعة لحم من جزّار، مجسم إرادة بلا حب ولا غيرة ولا علاقة معينة.

لكن.. تماماً في الوقت الذي يظنّ فيه “شنسوكي” أن جدار الحقيقة يقول بموته بنفس القُبح، يدرك بالصدفة أن الجدار لم يكن إلا ستاراً ثقيلاً سُرعان ما سيسقط كاشفاً عن “جمال” باهر.

فتقفز له تلك “الفكرة”، فالانتقام الآن بات ممكناً!

وتبدأ الرواية في التحوّل إلى تحليل، نفسيّ وفلسفيّ وأدبيّ، دقيق ومعقد مع سير الأحداث.

تحليل ما كان ليظهر مطلقاً في الرواية اليابانية قبل الحرب.

وإذاً، فالجمال المثاليّ الذي حاول “شنسوكي” تصويره في رواياته يتجسد الآن أمامه في “يوشي” التحفة الفنية التي ظهرت من خلف الستار، والقادرة فضلاً عن الانتقام، على اثبات نظريته المهمة:

التحفة الفنّية تولّد تجربة فريدة للمرء تسلبه حياته العادية وتجبره على عيش حياة ثانية لفترة زمنية محدودة، مثل فكرة الحياة الثانية التي تهبها أي رواية، ويسميها “شنسوكي” بالشكل الأدبيّ،

لكن هل يمكن مطابقة تأثير اللوحة الفنية بحدَث عاديّ من الحياة اليومية؟

يقول:
“تجربة التحفة الفنية وتجربة الحياة تختلفان شديد الاختلاف من ناحية وجود الشكل الأدبيّ أو غيابه. لكن، من خلال تجارب الحياة، ثمة ما يقترب كثيراً من الاختبار الذي تؤمّنه التحفة الفنية. إنه الانفعال الذي يسببه الموت.

نحن نعجز عن خوض تجربة الموت. لكن، بين وقت وآخر، يُقدّر لنا أن نختبر الموت. نختبر الموت من خلال فكرة الموت بحد ذاتها: موت الأهل، أو موت شخص عزيز علينا. باختصار، الموت هو الشكل الإبداعيّ الوحيد للحياة.”

يوضّح الاقتباس السابق فكرة ميشيما الغريبة التي تربط بين الموت والجمال.

أيضاً:

” ازدواجية الوجود هذه [الموت والحياة، الوجود والعدم] هي التي تقترب إلى اللانهاية، التحفة الفنية التي ترسم جمال الطبيعة.”

وهذا يعني عنده أن وجود الأشياء بالتالي يُثبت بغيابها:

“اثبات الروح بغياب الروح، اثبات الأفكار بغياب الأفكار، واثبات الحياة بغياب أي حياة. هذا في الواقع ما كانت عليه المهمة المتناقضة للتحفة الفنية.”

كيف إذاً سيستغل “شنسوكي” جمال “يوشي” للانتقام بتطبيق نظرية اللوحة الفنية؟

وفي نهاية الرواية كيف سينتهي هوس “شنسوكي” وهذيانه الشديد بالجمال والانتقام؟

وهل سيجد في ذاته، هو العجوز الستينيّ الذي خبر الحياة جداً في الواقع وفي الأدب وبكثافة، عمقاً مختلفاً لم تمنحه بعد سنواته الستين؟

وما نهاية “يوشي” بالضبط، هل سيبقى الجمال هنا مجرد حجر على لوحة شطرنج الانتقام والموت؟

أليس للجمال وجوداً آخر حقاً؟

سنجد أيضاً أفكار أخرى تحليلية يطول شرحها تُثبت على التحوّل سابق الذكر.

ويذكّرنا التحليل البارع جداً في الرواية بأسلوب كاتب آخر غربيّ من نفس الجيل وسيظهر بعد ميشيما: كونديرا.

لكنّ ميشيما سيخالف إيجاز كونديرا إلى تفصيل شديد وسيسمح للصبغة الشرقية الواضحة في رواياته بأن تطغى على التحليل: “في الشرق، يبدو الموت أوضح بكثير من الحياة.

وإذا بالتحفة الفنية [الشرقية]، نوع من الموت المشذّب، وهي القوة الوحيدة التي تسمح للحياة بالارتقاء.”

وفي مشهد لشخصية “يوشي” يصف الكاتب وجه الشرق بعد الحرب، متعباً خالٍ من التعابير، مشلول الأطراف، يحمل ذنوبه على ظهره، ورذائله الكثيرة فوق رأسه، يتاجر بالمخدرات ويسرق ويحتال بالمال وبالكاد يرى أين يضع رجله.

وعلى حدّ تعبيره: للأدب الياباني “نكهة” لا يدركها الغرب.

“لا يُشفى المرء في غالب الأحيان، من الفكرة المتسلطة إلا بعد أن يترجمها واقعاً، غير أن الشفاء من الفكرة لا يُلغي سببها.”

انتحر ميشيما عام ١٩٧٠م في انقلاب عسكريّ شهير.

ومن عباراته الأخيرة التي وردت في المراسلات:
“قد لا يكون عام ١٩٧٠ إلا مجرد وهم أحمق”.

“ما أخشاه ليس الموت، وإنما ما قد يصيب شرف عائلتي بعد موتي”.

“كل قطرة زمن تسيل تبدو لي ثمينة كجرعة نبيذ فاخر، وفقدتُ تقريباً كل اهتمام بالبعد المكاني للأشياء”.

حُمّل انتحاره معانٍ كثيرة.

فهل أراد ميشيما اثبات أفكاره القديمة بغيابها، اثبات نفسه بغيابها، أم التخلص من الفكرة المتسلطة؟! لكن.. :
“الانتحار سواء أكان لهدف شريف أم قبيح، هو فعل يرتكبه العقل بحق نفسه، ولا يترافق أي انتحار مع تفكيرٍ مفرط.”

كلمات مفتاحية لأدب ميشيما وحياته: النقاء، الكمال، الليل، الجمال، الموت، العدَم، الشباب، الشرق، اليابان، الأدب، الاكتشاف.

انتحر دازاي “المتشائم غريب الأطوار” قبل ميشميا بعدة أعوام، وانتحر كاواباتا المعلم بعد تلميذه بعامين.

خديعـة النفـس

الجازي مطر الشمري

هل تناسي الحزن نعمة؟
أم هـي خديعة مؤقتة للنفس!
أصبحنا لانستطيع التعايش مع الحزن لحظة، لأنه في كل لحظة يأتينا خبر محزن، وألمٌ موجع، وصديق يغادر، وأخ يفارق الحياة!
كيف نتعايش مع هـذا الشعور الموجع والألم يصحبنا من كل جهة، والخذلان يأتينا من كل صوب، والموت يتخطفنا من كل جانب، كيف لنا التعايش معه وقد يضيع عمرنا كله مصاحبةً له إن بقينا فيه، فكون أن تكون قابع في الحزن هـذا يعني أنك لن تشعر بالحياة والسعادة ماحييت، ولن تحقق أي حلم ولن تقاتل لأي هـدف!

انظر إلى أحوال المعزيين تشعر بكلماتهم ومواساتهم الاعتياد على هـذا، بل وبعضهم يتعجب لمَ كل هذا الحزن، ناهيك على التوبيخ الذي يأتيك إن بقيت تبكي،
تبكي فقط!

العالم يا سادة أصبح لا يتحمل الحزن بل وبالاصح لايريد لذلك الشعور أن يمتد
حتى وإن كان اعطاء النفس حقها بذلك!

طريقا للمعرفة – تشارلز تايلور

نوره بابعير

طريقا للمعرفة – تشارلز تايلور
.
أخال أن أوسع انقسام في فهم المعرفة من حيث هي كذلك يمكننا أن نقيمة بوضع العقلانية والتجريبي ، بل وحتى كَانط في جانب واحد و الرؤي التي تحاول تفكيك تلك الرؤية في فهم الأشياء ( والعالم ) في جانب الآخر .

ثمة حافز
-والذي يمكن أن نقول بأنه قد بدأ مع ديكارت، لديكارت شخّص من المفيد أن تبدأ معه . يحفز على بلوغ شكل من أشكال اليقين والسيطرة على حقل المعرفة برمته وذلك عن طريق فهم المعرفة بكيفية تمثيلية .

فما هي المعرفة ؟
ما قاله ديكارت يوما ، هي : ” تمثيل داخلي لواقع خارجي ” فنميز بين الداخل و الخارج تمييزًا واضحاً ومن ثم نفحص تمثيلاتنا ونرى ما يجعلها قابلة لأن يوثق بها ونبني على ذلك معرفة موثوقة هذه رؤية تعتبر أن المعرفة تكون بالوساطة إذ نعرّف العالم بواسطة شيء آخر بالنسبة لديكارت و لوك ، هذه الوساطة هي التمثيلات الداخلية ، أي ، ما يسميانها ” أفكارًا ”

والاختلاف بينهما اختلاق بالدرجة فإما أن يكون البناء بمساعدة عمليات فطرية أو عقلية أو بمساعدة التجربة فحسب لكنهما ما زالا ضمن الإطار العام لهذه الرؤية .

بالنسبة لكانط ،
الوساطة هي القالب المفهومي الذي نفرضه على العالم ، المقولات التي نفرضها على العالم لكن نرى مجدداً ، صورة الشيء القادم من الخارج والمقولة التي نفرضها عليه من الداخل أعتقد بأن الفكرة التي بدأت تبدا من جملة انتقادات مختلفة مثلا ، عند هايدغر ، أو ميرلو بونتي وأعتقد أنا شخصيًا عند فتغنشتاين الثاني ، بل وحتى عند هيجل قِبل ذلك نرى رؤية مختلفة للعالم اختلافا كلياً فبدلا من أن نرى العالم أو نعرفه بواسطة شيء ما سواء كان هذا ” الشيء ” أفكارًا أو قوالباً نفرضها عليه نرى الإنسان على أنه دائماً ، ومنذ البداية ، منخرط في العالم يطحنه ، ويتحسسه ويمسكه ، ويعمل به ، إلخ ومن هذه العلاقة المبدئية مع العالم ، تتطور تمثيلات معينة ، تعلمنا للغة يعني أن نعرف كيفية ترميز الأشياء المحيطة بنا على نحو معين لكن فهمنا لهذا العالم لا يتطابق مع هذه التمثيلات أبداً فنحن أساساً متواصلون مع العالم على الدوام ندفعه ، ونسحبه وأن نكون مدفوعين به و نتلاعب به ، ونمشي عليه ، و ” نتكيف ” معه و ” التكيف ” مصطلح عام ( يشمل ذلك كله )

فنحن ، في مستوى أعمق ، متصلون به دائماً ، إذن ، فأي نظرية تحاول أن تحصر فهم المعرفة في كيفية عمل تمثيلاتنا أو كيفية عمل بنية مفاهيمنا تفقد السياق الذي يمنح هذه الأشياء معناها تفقدكم قد نكون مبدعين وكيف يمكننا أحيانًا أن نتجاوز تمثيلاتنا عن العالم و نتعداها فلدينا هذا الحس العميق بأننا مرتبطون بالأشياء و يمكننا أن نتحدى هذه التمثيلات بناء على ذلك فرؤية الجانب الأول مبنية على فهم خاطئ على نحو عميق .

ثمة ما يحفزها
فحالما تتبنى هذه الرؤية التمثيلية للعالم فإن أمل الاستحواذ التام على العالم و الوصول إلى وضوح تام يصبح أملاً ممكناً بينما لو رأيت إنك متألف مع العالم أصلاً ، ستعرف أن تحقيق ذلك يتجاوز قدرتك إلى حد بعيد فالعالم خلفية يمكنك أن تلفظ جزءاً منه، لكن يستحيل أن تلفظه كله .

فينبغي عليك أن تتخلى عن أمل التحكم بعملياتنا المعرفية قِبل أن تنفتح على هذا الاستبصار الذي مفاده أن المعرفة لا تكون على هذا النحو .

أن المشروع المعرفي الذي استهله ديكارت قد سلك طريقًا خاطئاً منذ البداية قد تتحرك في نطاقه هنا وهناك من العقلانية إلى التجريبية ، و أن تحول العنصر الوساطي من تمثيلات إلى مقولات لكنك ما زلت تحوم حول أصل خاطئ و ما زلت تجري في الطريق الخاطئ .

ترجمة : رزم

ما السبيل للنقاش المثمر – جاكوب نيدلمان

نوره بابعير

ما السبيل للنقاش المثمر – جاكوب نيدلمان

الاستماع لشخص آخر بداية عميقة للأخلاق لماذا أقول ذلك ؟ لم أسمع أن أحدا قال هذا الكلام ، لكن لعل أحدا أفضل مني قاله .

أستعرض هذا بتجربة أجريها عادة دون أن أعي في بداية ثقلها الأخلاقي المهول .

هي تجربة سمعها كثيرون ، بل ويستخدمها المستشارون لكن ليس لهذه الغاية تحديداً وهي : دراسة الاستماع لشخص آخر .
التجربة : حينما يختلف شخصان عن موضوع مؤثر جداً وفِي الكتاب أستعرض مسألة الإجهاض والتي هي واحدة من أصعب المسائل في زماننا ، لأن كلا الطرفين لديه حجج قوية .

يأتي الشخصان في مقدمة الفصل ويطلب منهما الآتي : الشخص الأول عليك أن تذكر رأيك في مسألة الإجهاض (في هذا المثال ) وأن تذكره بإيجاز .

الشخص الثاني : يمكن أن ترد على الشخص الأول بشرط أن تلخص رأيه بطريقة يقبل بدقتها الأول . وعليك ألا تدلس .

أي أن الشخص الثاني يجب أن يكون دقيقًا جداً وعلى أن الشخص الأول ألا يكون رحيما وأن يقول : ” لقد نسيت هذه الجزئية ولا ليست كذلك ” .
وأنا – بصفتي مدير الجلسة – أقوم بهذه المهمة .

إذا قال الشخص الأول شيئًا وقال الشخص الثاني : أنت قلت هذا : فأجاب الشخص الأول ” نعم ، هذا قريب بما يكفي ”

فعلي أن أقول : لا ، هذا ليس قريبا بما يكفي ، حاول مجدداً، وحاول مجدداً، و حاول مجدداً . و يستمر الحال على هذا المنوال . إذ لا يمكن للشخص الأول أن يرد إلا إذا لخص رأي الشخص الثاني على نحو يقبله . واضح ؟ ويستمر الحال على هذا المنوال .

يقول الناس : بإمكاني القيام بذلك ، لكن الحقيقة أنهم يتافجئون من مدى صعوبة الأمر ، لأنهم يكتشفون أنهم غير قادرين على السماع كما كانوا يظنون وأنهم يستمعون إلى آرائهم معظم الوقت أو ينتظرون أن يلتقط الشخص الآخر أنفاسه ليباغتوه.

ينتظرون أن يفوزوا ..

أما إذا أرادوا الاستماع لتحقيق هذه الغاية فعليهم الرجوع قليلاً عن أنفسهم و آرائهم. وأن يخلقوا مسافة داخل أنفسهم وعقولهم وقلوبهم ليدخل الشخص الآخر .

ليس عليك أن تقتنع . أبداً.

بل عليك بكل بساطة السماح لهم أن يدخلوا وكأنك تضيف ضيفك بالشاي والكيك وتودعه ، لا تصعد به للدور العلوي ولا تقوم بشيء بل تجلس لتسمع وهذه هي بداية الأخلاق . هي بداية ما سيُصبِح مستقبلا القدرة على الحب .

لأنك لتسمع على هذا النوح عليك أن تتنازل عن كبريائك وأن تبتعد عن آرائك التي أنت متعلق بها والتي نريد أن نقتل لأجلها الذي يختلف معنا وهذا يستمر مرارا .

الذين يخوضون هذه التجربة رأيتهم مرارا ينتهون وهم مختلفين – وهذه ليست القضية – لكنهم يخرجون ممسكي الأيادي لأنهم أدركوا أن الذي أمامهم إنسان . وأن الذي يختلفون معه فكرة الشخص لا وجود الشخص ذاته .

بينما الآن لو اختلفنا بشدة فقد يصبح الأمر أقرب للاغتيال .

الذين يختلفون معك ينكرون ذاتك ويريدون قتلك بغضهم و هذا تمسك أناني .

ماهية الوهم والخيال وتأثيرهما بالحياة

مريم عادل

ماهية الوهم والخيال وتأثيرهما بالحياة
كنتُ اشاهد مسلسل (فرقة ناجي عطا الله) للزعيم “عادل امام” الذي قام بتجسيد دور ناجي عطا الله, في احدى حلقات ذلك المسلسل تقف القديرة رحمها الله “عصمت محمود” التي لعبت دور الحاجة ام امين على شرفة منزلها مساءا تنادي (امين امين انت فين؟!..حد شاف امين) كان ناجي غارقاً في شرح اسباب وطريقة سرقة البنك الأسرائيلي, مرَّ صبي المقهى بالصدفة فسألهُ عادل امام:
-بقلك ايه يبني متشفولها ده امين راح فين الست صوتها اتنبح من الصبح!
-سيبك منها يا باشا الست دي دماغها مش مضبوطة
اكمل عادل حديثهُ مع فرقته حتى جاء شخصٌ يعرفهُ يدعى فرج من تلك المنطقة وفي اثناء نقاشهم عادت ام امين لتنادي على ولدها امين من جديد فلتفتت عليها انظار فرج والحضور ليخبرها فرج بأنه سوف ينادي عليها فور قدومه واتضح بعد ذلك ان امين شرطي مصري يعمل على الحدود بين مصر واسرائيل ,استشهد بسبب طلق ناري طائش من قبل الأخير!!.
الرفض التام من قبل ام امين في تصديق موت ابنها على الرغم من انها إمرأة معروفة في بور سعيد بحكمتها ورصانة عقلها “حسب ما قيل في النص” وقوة تأثير عدم التصديق ذاك ليصورهُ لنا المخرج والممثليين بصيغة مشهد دراماتيكي رائع ومؤثر لدرجة تدمع لهُ العين..,كل ذلك دفعني للأستعلام عن ماهية الخيال والوهم وما الفرق بينهما وتأثير كلاً منهما على الحياة.
الخيال عبارة عن عالم يبنيه الفرد بنفسه بدون أن يساعده أحد، لكنّه على الواقع لم يستطع أن يعيشه والذي يتخيل لديهِ وعي تام بحقيقة الواقع لكنهُ يتخيل ليستشعر جمالية الأحداث او بشاعتها كالكاتب تماما فالكاتب والروائي عندما يمسك قلمهُ لينقش لنا لوحتهُ الروائية يجلس مع نفسه ويعيش بأجواء مختلفة عن الأجواء الحقيقة التي يعيشها في لحظة الكتابة قد تراهُ جالسا بصمت تام لكن من الطبيعي جدا تجد بأنهُ ذهب بخيالهِ الى اماكن واشخاص واحداثٍ اخرى,الذي يتخيل مدرك واقعية حياته الى حد كبير عقلهُ مُصدق لكل شيء ينقل اليه من جميع الحواس,المتخيل لهُ القدرة على بداية الخيال ونهايتهِ.
أمّا الوهم فهو أن يبني الفرد نفس الأحلام التي يبنيها من خياله، لكنّه يعيش في هذه الأحلام وغير معترف بالواقع ولا حتى يؤمن بوجوده.
الواهم يرفض التصديق بحقيقة الواقع كالذي حدث مع ام امين ,صدمتها بأستشهاد ابنها دفعها للوهم بعدم موته لا تريد الاعتراف بأنها ثُكلى وولدها لن يعود لها يوماً,الوهم نوعا من انواع الامراض النفسية التي تحتاج الى طبيب نفسي فعادل امام خشيَ التصريح بالحقيقة فقد تصاب بأنهيار عصبي وقد تتأثر الى حد الجنون!.
تعامل معها على اساس اوهامها ,عقل الواهم يستقبل المرسلات من الحواس كذلك لكن يفسرها بصورة خاطئة..تشبهُ عملية الخداع لكنها في الغالب غير متعمدة,الواهم يملك طرف البداية لكن طرف النهاية تملكهُ الصدمة!.
الخيال شيء عمدي اما الوهم فهو زلة خيال,هو خيال انحرف عن مساره.
لولا الخيال لما استطعنا الاحلام ومن تلك الاحلام نبدأُ احياناً!..بعضُ الخيالات ممكنه وتجعل منا اشخاصا خلاقين ومبتكرين ,من الخيال نستطيع معرفة معنى الحياة تلك هي فضيلتهُ الكبرى,المعنى في الوجود شحيح,لكن ادراك هذا المعنى لن يكون الا عبر مهماز الخيال في جسد الوقائع التي تحدث في كل يوم.
واذا زاد الخيال عن حده انقلب الى الوهم..,قد ينتشلنا الوهم في الكثير من الاحداث الصعبة واهمها الفقدان ليأتي بعده الوضع المعيشي والعاطفي ومعظم مشاكل الحياة التي لا تنتهي لكنهُ اكذوبة,حبلها قصير.. سيواجه الواهم واقعهُ شاء ام ابى لذلك علينا التخلص من اي اوهام قد تصيبنا فقد نوهم بحب او كره شخصٍ لنا ونتعايش مع هذا الوهم ونؤمن بحقيقته حتى تصدمنا الحياة بعكس ذلك.
لا تكن واهما فتُصدم , بل اصنع خيالا يوصلك الى حقيقة معنى حياتك.