«وما صاحبكم بمجنون»… من التبعية إلى عظمة الجنون

«وما صاحبكم بمجنون»… من التبعية إلى عظمة الجنون

بقلم: أ. منور الشوا

قد يكون أمراً معقداً اليوم أن يُفتح النقاش على إشكاليات الدين والعقل والعلم والمجتمع… لكن الحال الذي وصل إليه العالم العربي والإسلامي يستدعي البحث عن رسالة بشرية عظيمة تنسجم وعظمة الرسالة السماوية، رسالة تستند إلى معادلة التأمل والنظر والتمييز والتأويل والتعقل والطمأنينة واليقين… لكن قد يكون العلاج فارغاً ووهمياً ما لم يكن هناك تشخيص للحالة… يطرح الكتاب الكثير من الموضوعات المثيرة للجدل لكنها في الوقت ذاته مثيرة للأسئلة، والأسئلة نقطة بدء رحلة الوصول إلى الحضارة… لكنها رحلة لا شك محفوفة بالمخاطر، ومحطاتها ليست للانتظار أو الاستراحة، بل دعوة حرة من الكاتب لتَشارُكِ الأفكار وإثارة التفاعل…

– في المحطة الأولى «الإنسان في مأزق التبعية»، يناقش المؤلف القيود التي صنعها الإنسان بنفسه لنفسه ولمن هم حوله، ثم نسج في داخله خيوط رهبة التحرّر منها فوجد نفسه أسير الخمول العقلي… وبدأ من ثم رحلة استعادة الوعي، في مقابل آفات التناقل العشوائي، وتولية الأشخاص القداسة.

ففي الشأن الديني، يعيش الإنسان، اليوم، فوضى التناقل الخاطئ، وبناء المفاهيم العشوائية والسير عليها، لكن المشكلة ليست في الدين، بل في صنّاع الخطاب الديني، فالخطاب الديني الذي ينتزع ملكية الإنسان لإيمانه وعقله وعلمه هو خطاب ينتج التطرف، ويجبر على تطبيق ظاهر الدين دون بثّ روح الإيمان، بمعنى الاستلاب الإنساني.

في أصل الدين الإسلامي، مثلاً، الإيمان لا يعني التسلط، والرسول لم يأتِ ليتسلط على أمته، بل الإيمان طمأنينة، أما خلق المرجعية ومن ثم صناعة التبعية فتلغيان قيمة الوجود الإنساني، فإذا كان الدين للناس جميعاً فمن الذي منح أحدهم الوصاية عليه دون غيره من البشر؟

اجتماعياً، تواجهنا معضلة قوّة التوارث بين الأجيال، ويثير المؤلف جزئية من هذا التوارث الذي امتد من الجاهلية إلى الآن، وأعني به تحقير أنواع من العمل؛ لقد سخر العرب مثلاً قديماً من الصنّاع والمهرة والحرفيين، وما يفاجئك أن هذه السخرية ممتدة إلى اليوم، في شبه الجزيرة العربية على الأقل، وهم (الصنّاع والحرفيين) من أعمدة بناء المجتمعات. هذا العمل أولاَ.

ثانياً العلم، فلم يولِ العرب العلمَ الأهمية التي يستحقها، إن لم نجرؤ على القول إن العلم اقتصر إلى حد ما عندهم على العلوم الشرعية.

 ناهيك عن سيطرة السلطات القبائلية القائمة على الأعراف الاجتماعية في شبه الجزيرة العربية، والإشكالية الاجتماعية ما بين البادية والحاضرة، ما أدى إلى شلل الحراك الاجتماعي: فلا حراك مهني، ولا حراك مكاني، ولا حراك اقتصادي، ولا حراك فكري، كل ذلك أصابه الشلل في ظل نظام المجتمعات القبلية والطائفية.

– في المحطة الثانية يقف المؤلف على صراع العقول في ملحمة العقل التي لن تنتهي، فناقش أولاً المفاهيم والواقع، وأهم هذه المفاهيم مفهوما الحرية والأخلاق في ظل اختلاف الثقافات، وتعددية الثقافات في البيئة الواحدة، والتفاوت في مستويات الإدراك، والاشتراك اللفظي في اللغة ذاتها، والانفعالات، أو التواصل بين لغتين. وكذلك مفاهيم الإسلام، والعقل، والعلم، ومفاهيم الجهاد والخلافة والدعوة والعدل… كل ذلك في ظل الجدلية الأزلية أو الصراع الأزلي بين منظومتين: منظومة الدفاع عن الإسلام خوفاً من جر المجتمعات المسلمة إلى الهاوية والضلال والخروج عن الشريعة الإسلامية، ومنظومة الدفاع عن مفاهيم يجب تطبيقها لأنها تسهم في الحفاظ على المبادئ الإنسانية!

فمن جزئيات هذا الصراع الصراعُ القديم الجديد بين العقل والنقل، فمنذ وقت مبكر اتخذ المجتمع العربي والإسلامي الأول موقفاً معادياً للفلسفة، فنذكر مثلاً ما تعرّض له ابن حزم الأندلسي من نقدٍ لتعلمه المنطق،

ولم يسلم الغزالي أيضاً من الانتقاد لتعلمه الفلسفة، إضافة إلى ما حل بالمعتزلة الذين قدموا العقل على النقل

ومن جديد نحن أمام جدلية أخرى وصراع آخر بين منظومتين؛ منظومة تريد تحديد دور العقل في مقابل الدين ومنظومة تريد تحديد دور الدين في مقابل العقل.

العمليات الإدراكية تنقسم إلى قسمين رئيسيين: الإدراك الحسي، والإدراك العقلي، ويتحقق الإدراك العقلي بالمعرفة، أما العقل النظري (التأمل والتدبر والتفكير، وهي العمليات العقلية التي تتحقق في وجود الحواس)

فهو المرحلة التي تؤهل للوصول إلى العقل العملي.

من بين هذه العمليات العقلية يقف المؤلف كثيراً عند التأمل، «فهو العملية التي تخلو من أيّ تأثيرات مسبقة في العملية العقلية، و التأمل مرحلة تقود إلى اليقظة العقلية في المقام الأول. إذاً، التأمل يولّد الدهشة التي يتمتّع بها العقل؛ إنه كضربة توقظ الإنسان من سبات الوعي».

وانطلاقاً من هذا االتأمل يرصد المؤلف ثلاثية الحياة: العقل، والعلم، والإيمان، فيبدأ بفلسفة الإنسان الأول ودينه، مؤكداً أنّ للفلسفة جذوراً دينية: «عند البحث عن علاقة الإنسان الأول بالدين والفلسفة، سنواجه فكرة الإنسان الأول التائه»، وهذا الإنسان الأول، بطبيعة الحال، هو آدم عليه السلام، طارحاً من جديد الصراع بين منظومتين؛ منظومة الإله الواحد ومنظومة الآلهة المتعددة، ليجد «أن فكرة وجود إله هي فكرة إنسانية سليمة وطبيعية في تكوينها»، ويناقش في سبيل ذلك براهين العقل وأدلة العلم والدين على وجود الإله ووحدانيته التي يجد أنها «مهمشة عند بعض الفلاسفة والعلماء، ما يجعلها بسيطة عند بعض المؤمنين ومعقّدة عند بعضهم الآخر»، فـ«بعض العلماء التجريبيين يحاولون… بطريقة غير عقلانية، نفي مُحدث للكون؛ أي نفي خالق له. إنهم ينفون الخالق لعدم رؤيته، وهذه الحجة (عدم رؤية الخالق) لا صحة لها، فالقوانين لا يمكننا رؤيتها؛ لأنها ليست مادة، إنما هي تعمل وفق مُحدث لها».

لكن يبقى السؤال المهمةَ الدائمة التي لا تموت ويصعب على الضعفاء تنفيذها. السؤال هو بداية الحقيقة التي دائماً ما يواجهها الإنسان التقليدي بضعف، رغم أنّ السؤال هو أحد الطرق للوصول إلى الإيمان وإلى اليقين، إلا أنه متهم، على الأغلب، بأنّه شكّ، وأهم الأسئلة النصية الدينية، كما نقرؤه في القرآن الكريم، السؤال في عقل النبي إبراهيم، عليه السلام، بتراتبيته التي تستحق حقيقة الوقوف عندها: نظر، فتأمّل، فتفكير، فسؤال، فاطمئنان، فتحقيق يقين.

– في المحطة الثالثة يقف المؤلف على قضية المرأة أمّ الإنسانية، فوجود المرأة من وجود الإنسان، لكننا إذا ما دخلنا إلى عالم المرأة المليء بالتعقيدات والمغالطات، فسنواجه العديد من الخيارات المصطنعة لحلها ومعالجتها للخروج من مآزق فكرية ومجتمعية وثقافية، لا تتطابق مع الواقع فعلياً، بل صُوِّر لنا تطابقها. ويبدأ ذلك من فكرة أصل النشأة وأبعادها، التي تنطلق نصياً من استبدادية الرجل التي تعزز دائماً قصة خلق المرأة من ضلع الرجل، وهي قصة توراتية، لكن ذلك لم يقتصر على النص الديني، بل ربما سبقته الفلسفة في ذلك، فالمرأة عند أرسطو، مثلاً، ليست سوى صورة مشوّهة من الرجل، ووجودها وجود عارض.

من قصة الخلق ينطلق إلى قصة الخطيئة أو المعصية، فكما ذكر سفر التكوين، المرأة هي من تسببت في معصية آدم، ومن ثم طردهما من الجنة، ما يرسخ دوماً فكرة أن الرجل هو الكائن الأول وأن المرأة كائن ثانوي ليس مستقلاً.

واستمراراً وتأكيداً لاستبدادية الرجل تم تحويل قوامة الرجل إلى قانون اجتماعي عاشت المرأة في ظله في مكانة حائرة ما بين التسليم بالتأويلات الدينية وقوانين المجتمع المتوارثة وبين البحث عن مكانتها خارج حدود جغرافيتها ومجتمعها فلم تسلم عندها من آفة الاغتراب عن هنا وهناك.

تاريخياً، كانت المرأة في العصور الأولى تمارس دورها في الحمل والولادة، أما الرجل فلم يهتم بالنسل والديمومة،

ثم فطن الرجل في العصر الحجري الحديث، بعد استقراره، إلى أهمية النسل، وأصبح يقدس مكانة المرأة المنجبة، وبعد التطور الفكري والاجتماعي والنهضة الحضارية، التي ابتدأت مع مرحلة الزراعة، ظهرت عقيدة عبادة الأم، فتولت المرأة قيادة البشرية حتى ارتقت إلى مكانة سامية مقدسة، وأصبحت الإله المعبود. إلا أن هذا العصر الذهبي لم يدم طويلاً بالنسبة إلى المرأة؛ فبعد قرون من تلك المكانة السامية للمرأة، تستمر محاولة الرجل في إضعاف المرأة على الدوام لنيل مكانة أعلى.

ارتبطت المرأة ارتباطاً وثيقاً بالجنس في المعتقد الذكوري، حتى كُرِّس ذلك في معتقدها كذلك. إن هذه المفاهيم الجنسية المُعادة صياغتها عبر العصور دون إخلال بالفكرة وتفسيرها، بقيت مستمرة بتوارث المعتقدات؛ حيث وأد الإناث الذي يرى المؤلف، كما يرى بعض المفسرين، أنّ له بعداً تعبدياً تحوّل عند البعض الآخر من المفسرين إلى العامة من الناس على أنه طقس اجتماعي تمارسه العرب خاصةً في زمن الجاهلية خوفاً من العار فحسب.

فلسفياً، سادت نظرة المجتمع اليوناني إلى المرأة على أنها كائن ثانوي دون اعتبار لوجودها بوصفها إنساناً له كيانه، فيما الفلسفة اليونانية لم تفعل شيئاً بهذا الخصوص… روسو أيضاً يراها كائنا ضعيفاً عليه أن يخضع للرجل. الفيلسوف فردريك نيتشه يكره النساء كثيراً، وعلاقته بهنّ محدودة، ويؤكد أن الروح الحرة لا تعيش مع المرأة. الفيسلوف آرثر شوبنهاور يرى أنّ النساء لم يخلقنَ للأعمال الفكرية والإبداعية، إنما للأمومة وحسب، ويقول إنّ النساء خلقنَ من أجل استمرار الجنس البشري فحسب.

– في محطته الرابعة والأخيرة يصل المؤلف إلى عظمة الجنون، لكنه ليس الجنون المقدس ولا الخبيث، بل الجنون المرتبط بالفكرة، الجنون العبقري، الجنون الذي يصنع التغيير، الجنون الذي لا يخلو من رسالة، فـ«ما الهدف الذي يريد الإنسان تحقيقه في هذه الحياة؟ ما الرسالة التي تختلف اختلافاً كلياً عن الأهداف التي يريد تحقيقها الإنسان؟ وأين موقع هذه الرسالة التي يحملها الإنسان، ويعمل عليها قبل أن ينشرها في حياته؟».

إن المثل الأعلى لهذه الرسالة هنا هو رسالة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: {ومَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ}.

«إن معاناة الرسول كانت معاناة الصراع مع الأفكار والمعتقدات، الصراع مع مجتمع بأكمله يحمل ثقافته المتوارثة… كان صراعه لتغيير وإصلاح المجتمعات، وما تحمله من أفكار ومعتقدات ومفاهيم وعادات وتقاليد وسلوكيات لا تليق بالإنسان. رسالة لم يهتمّ بأبعادها وعمقها الكثيرُ من الناس، وأُخذت على أنها تقف عند حدّ العبادة وتطبيق الشريعة فحسب، رغم أن الأخلاق والقيم الإنسانية هي جلّ ما جاء في هذه الرسالة… وهذه الرسالة يقدر الإنسان العاقل على أدائها، كلّ إنسان على وجه الخليقة، فهي لا تقتصر على المسلمين فحسب، بل تمتد إلى عامة البشر من جميع الديانات.

إن قرّاء ومفكري ومثقفي المجتمع هم الرسل؛ هم قادة المجتمعات الحقيقيون، الذين عليهم أن يعملوا على تطبيق فكرة الإصلاح والتغيير في مجتمعاتهم وتسويتها، هم المسؤولون الآن عن هذا الخلل في المجتمع.

إن الجنون تهمة تغيّر العالم، فالأفكار التي تتولد من عقولنا ليست وهماً نحلم به، وننادي بتحقيقه ونرفع شعاراته المزيفة، علينا النظر إلى الواقع كما يجب، وأن نستغرق في التفكير في كيفية إحداث تغييره. إننا قادرون على حمل أمانة هذا العالم وتغييره إلى الأفضل».

 

 

“الادب بين الايجابيه والسلبية”

حنين العصيمي

**”الأدب بين الإيجابية والسلبية”**

في اختيارك للكتب والأفلام التي تتابعها، هل تفضل اختيار الكتب المأساوية، السوداوية، ذات النهايات الدرامية الحزينة، أو الأفلام المليئة بالمعاناة والدموع؟ هل تفضل رؤية شرور الدنيا المتجسدة بالخيانة، الغدر، الكراهية، الفقر، الجوع، الظلم، الانكسارات العاطفية، وقصص الغرام المستحيلة، الفراق، الموت، القهر، وغيرها من المآسي الأخرى… أعني ، أليس الواقع مليئًا بكل ذلك أصلًا؟

نظرة واحدة على الواقع اليوم وستجد كل ذلك وأكثر… ملايين الضحايا، ملايين الفقراء، ملايين المحطمين مع اختلاف الأسباب…
والقصص التي ترتعد لها فرائصك وتكون بمثابة مادة خام لصنع أكثر الأفلام رعبًا وحزنًا…
بل والأسوأ أنها حقيقية تمامًا وخالية من ادعاء الممثلين، وصنع الكاميرات، وألوان المساحيق، وتهذيب وزخرفة الحروف…
بل إن أبطالها أشخاص حقيقيون من لحم ودم تعرفهم أو قابلتهم أو سمعت عنهم من مصادر مختلفة… بل وربما تكون قصتك أنت.

في إحدى النوادي الأدبية التي حضرتها،
وفي نقاش مع الزملاء ، ذكر أحدهم أنه يفضل الكتب التي تجعله يصطدم بالواقع! وفي حقيقة الأمر، بلى، خاصةً إذا كان هذا الواقع يستحق تسليط الضوء عليه، أو كانت قضية مأساوية منسية تستحق الطرح…
والأمر سيان بالنسبة للأفلام السينمائي الخ ..

لكن إن كان الواقع يميل إلى السوداوية، والكتب وغيرها من الفنون المختلفة سوداوية أيضًا، فأين المفر؟ أليس من واجب الأدب والفن بأنواعه أن يكون المهرب والملاذ الآمن الذي ينتشلنا من رمادية العالم، من همومنا اليومية ومسائلنا الشائكة؟ أليس من المفترض أن يكون هو المخرج السري الخاص بنا، الذي يجعلنا ندخل عالمًا أقل ظلمة، ويجعلنا نصدق بأن العوض موجود، وأن النهايات السعيدة من نصيب الأشخاص الطيبين الذين ناضلوا على مدار الأحداث، وأن الحبيبين يلتقيان في آخر القصة لأن الحب دائمًا ينتصر، أو أن الجائع سيشبع لا محالة ما دام يعمل ويأمل، وأن الحزن لا يدوم، والفرح يتجدد ليشمل العالم أجمع، وحبل الكذب قصير يلتف على رقبة صاحبه ويخنقه في النهاية، والأشرار الظلمة لا يصفق لهم، بل يتم نبذهم واحتقارهم، أما عن نهايتهم فهي قاسية وعادلة كفاية، لأن القدر يتربص بهم وبأعمالهم، فظلمهم يتبعهم مهما طال الزمن أو قصر…

ألن يولد هذا شيئًا من الأمل أو بريق الأمل في نفس القارئ… ذلك الأمل الذي نهرب إليه ونستظل بظله.. ونستأنس بوجوده .

– حنين العصيمي

وفِي شدائد الأفكار هزائم الأفعال

نوره بابعير

وفِي شدائد الأفكار هزائم الأفعال

ربّما فاصلة تُصنع الغرابة في كل شيء لكنها تقود السّير على قوة جسورها ، تفرّق الفَهْم بين المبدأين ، هناك من يُنهي الفهم وأخر يبتدأ مع تلك النهاية التي تمثلت فيها كل الأشياء على أنها في أطراف فهمها ، لكن تشبثت في حقائق تكاثرت من منابت وحيها .

الفَهْم وحدهُ من يفسر المعنى المخبأة في جدار الكلمات و تلامس العقل على مَدَى انتقائها ، تلك التساؤلات التي تطرح من العقل لم تكن كافية ليدرك الإنسان أن على شرفة الفهم أحيانًا الأجوبة تضع الفاضلة الحقيقية بين كل سؤال و اخر ، تبين المستوى المخزون من وعي الإنسان ثم تشكلك في نضج عميق يوهبك الإنتباه و تنبؤات لتستطيع أن تقف أمام موقفك بوضوح .

التأني الذي يجتاح العقل و يملأ عليه السكون هو البصيرة التي يحتاج إليها كل إنسان ويظن أن أعتمد عليها من خلال العين ، لا أدري ربّما عين القلب أقوى لترى ما يحجب عن النظر نفسه ؟

الانشغالات التي تصيب العقل قد تجعله خاليًا من الإنتباه فيبقى في انغماس لا يمثل حقائق الوعي بقدر خدائعة ، لأبد من الفصل و تفعيله للعقل ، حتى يتمكن العقل من أحياء وعيهُ ، النجاة التي يبحث عنه كل إنسان هو دافع العقل الناضج ، قد يرغب في النضج لكنه متجردا منه لا يعرف كيف السبيل إليه ، يرى أنه ناضجًا ولكن من الداخل يعرف النقص الذي لم يغطيهُ ذاك النضج حتى يصبح شامخًا ، الفواصل هي تشبة المراحل كلما أيقنت أنك تفهم زادت عليك المفاهيم من غيرها ، وتشعرك بالاستيعاب الواعي دون الفراغ ، القوة التي تستطيع أن تكونها ، هي الذّات التي تمتلكها ، الاستثمار بالذّات نجاة دائم يجعلك تقفز دون مخاوفًا من المساحات التي سرت عليها أو سوف تقف أمامها ، تؤمن بأن العقل الذي يحتوي النضج هو عميق بما يفهم ويفسر و يحلل الاشياء على رغباتها ثم يلامس الرغبة التي يتحقق من خلالها نجاحه ، التعامل مسألة أخرى تبين لك القيمة من ذلك الأثر ، لكنها بينك وبيّن ذاتك تجعلك أكثر دقة فيما تفكر ، تلك الأفكار الصاخبة تعطيك الأفكار الراكدة ، وبين الركود و الصخب غزارة وعيا شاق لكنهُ اثلج الشعور في انفعالات موقفه ، يبقى متوازيا لا يملك الاحتراق الذي يفسد كل شيء ولا يملك البرود الذي يبهت الأشياء كلما وقع يجد أنه حكيم نفسه لا شيء ياخذه منه سوى إرادته فيما يرغب .

أحفظ مسافة عقلك مع الاشياء حتى تستطيع أن تنجو من الفوضى ، من الثرثرة الفارغة بلا وعي ، من الزوائد الخالية منك ، من قلة الفرص ، وأتساع القبول ، من دهشة الأفكار ، واتزان الأفعال .

نظرية السيارة الحمراء

سارة العتيبي

في موسوعةِ الخيال تخيَّل بأنك تقودُ السيارة متوجهاً الى العمل، وتم سؤالك كم عدد السيارات الحمراء التي رأيتها اليوم في الطريق ؟
من المحتمل .. لن تعرف الإجابة؛ لأنَّك لم تبحث عنها بمُبالاة ولم تُعرها اهتماماً.
ولكن ماذا لو تم اخبارُك قبل أن تقود سيارتك الى العمل بأنّ تلاحظ عدد السيارات الحمراء في طريقك ؟
وبالمقابل على كل سيارة حمراء تجدها ستحصل على 100 دولار نقداً، ستلاحظ نفسك بدأت بالبحث عن سياراتٍ حمراء تلقائيًا وبوعيٍ تام وبتركيزٍ أكبر، وسوف تبدأ بملاحظة سياراتٍ حمراء موجودة في كل مكان وسيصبح عقلك اكثر وعياً بها، وبذلك ستبدو السيارات الحمراء وكأنَّها تتكاثر بينما هي في الواقع عكس ذلك.
نظرية السيارة الحمراء (Red car Theory) هي نظرية تشير إلى آلية إدراك الفرص المحيطة وملخصها أن إدراك الأفراد للفرص المحيطة بهم يتأثر بما يختارون التركيز عليه من أهداف، وعليه سيشعرُ الفرد كما لو أن الفرص زادت من حوله بعد أن ركز على هدف معين.
آلية تطبيق نظرية السيارة الحمراء:
يمكن الاستفادة من نظرية السيارة الحمراء في تحقيق إنجازات عديدة على الصعيدين الشخصي والمهني، ويمكن تطبيقها من خلال برمجة الدماغ على التفكير بالطريقة الآتية : التركيز على الهدف المراد تحقيقه وإمداد العقل بالكلمات المفتاحية التي تساعد على ذلك، – وبناء تصور عقلي يركز على النتيجة المراد تحقيقها من الحصول على الفرص، والمثابرة في التركيز على الأهداف المرجوة، وتوسيع الوعي بالفرص المحيطة.
• عندما تسيرُ في الحياة وأنت غير واعي بما يدورُ حولك، ستمرُ الحظوظ والفرص وانت لم تعرها اهتماماً قط، إنَّ كلُ شيءٍ يمكن تحويلهُ الى فرصة!. كُن أكثر وعياً واستمِر في البحث.

يا ترى كم سيارة حمراء ستلاحظها اليوم؟

العلم نورٌ وضّاء

أ.بشاير خالد الصفران

العلم نورٌ وضّاء
الكاتبة: أ.بشاير خالد الصفران

تتجلى حكمةُ الانسان بمدى ادراكه بمستويات الاحداث، فالإنسان الحكيم هو انسان مُتزن انفعالياً وعاطفياً وهو ايضاً ناضج فكرياً ومعرفياً، وصفة الحكمة هي هبة من الله يؤتيها من يشاء من عباده، فنسأل الله باسمه الحكيم ان يؤتينا الحكمة التي من اوتيها فقد اوتي خيراً كثيرا، فعندما اتأمل بتفاصيل هذه الصفة الذهبية اشعر وكأنني ابحرت نحو عالم واسع من الجَمال، فالإنسان الحكيم يُحجم الأمور بما يُناسبها من مقياس فهو لا يعير اهتمامه لتوافه الأمور، لأنه على فقه ان وقته ثمين ولا توجد لديه مساحة لتوافه الأمور ان تأخذ حيّزاً من حياته، فالإنسان الحكيم عالياً بعقلانيتهِ ورَشاده، مُحلقاً نحو آفاق العلم الرصين، والثبات هو اجزى ما يستوطن مُهجته، ويتمتع بسمو ذكاءه الاجتماعي وزهو احتوائه للمواقف بكل حنكة وفن، والعلم نورٌ وضّاء يُضيء المَدارك ويرتقي بها لأقصى سلالم المعرفة والفِكر السديد، والغنى هو غنى النفس وملؤها بما ينفعها من علم ومعرفة وتهذيب للذات، وغنيمة القناعة والرضى التي تُعلينا طمأنينةً وسلاماً داخلياً، ودقة اختيار الحروف والكلمات في حواراتنا وانتقاء الانقى والارقى كي تبقى مخلدةً في العقلِ والقلب. ما أجمل أن يُعز الانسان نفسه بالعلم والتعلم وما ألطف أن تكون نظرته لتفاصيل الحياة إيجابية وفؤاده مُشبعاً بالتفاؤل والتلألؤ السامي، منعماً بالرحمة وتفاصيلها الحنونة التي تشبه علو الغيمة البيضاء في سِعه السماء الزرقاء حيث ان الرحمة حياة ومن يتحلى بها فقد حَيا، فجمال الرحمة تطغى على روح الانسان بهاءً وجاذبيةً بقلبٍ مشع بألوان الحنية التي لها رونقاً فريداً وتأثيراً واسعاً تتمركز في لُب الانسان كإشراقة الشمس المتجلية التي تعلو لتلون دُنيانا بأشعتها البراقة، وبألطاف نسيم الندى المنعش الذي يسمو بنا لنرتقي كفراشةٍ بأجنحةٍ زاهيةٍ وبروعة ألوانها الملفتة وحُسنها، العلم خيرٌ من الجهل، فالعلم نور للعقل وتاجٌ مرصع بالمجوهرات الفكرية والمعرفية الشامخة، أما الجهل على عكس ذلك تماماً فهو يقود بك للانغماس بالتوافه والغرق في بحر هائجٌ ومُعتم، العلم والتعلم رِفعة وعِزة للعقل البشري، تبّصر ذاتك جيداً أيها الانسان، وأكرمها بما يليق بها من علم ومعرفة وجَمال، فالجمال مكنون بالعقلِ والمنطق فإذا ارتقى العقل ونضج نقى اللسان وسَما، وأعلم أيها الانسان أن الله لا يكلف نفساً إلا بقدر استطاعتها وتحملها لأنه أعلم بك سبحانه من نفسك ويعلم ما تستطيع أن تتجاوزه كي تكتسب العبرة والقيمة المستفادة من الحياة.

غازي القصيبي ” سيرة لا تنسى في حقائب الأدب “

نوره بابعير

هناك شخصيات تحفر لنفسها البقاء القيم حتى من بعد رحيلها تجعل من أفعالها دور في تفعيل الآخرين لم أجد شيئًا يثير الدهشة مثل الأديب غازي القصيبي كانت الأيام تصور كل تعاملاته الحقيقية مع الحياة مع تلك المناصب الذي كان يتحول معها في كل مرة يصنع الآمل في مساحاتها ليوقظ الإنجاز على أكتاف غيره ، كان متنبهًا في تهذيب ذاته متألقا فيَ ارتقاء الرُّوح واللين ، ممتلئًا بالحياة الشغوفة إتجاه إنجازاته و خبرته العملية و الثقافية ، يرى أن الثقافة هي المحرك الأول في تغيير إعداد داخل الإنسان ثمّ ذلك الفعل يرتب العقل نحو صواب منطقيته ، لم يقف عند عتبه واحده ولا يهمل كل خبرة معقدة ، كان يرى الحق في المشاء وينسجم مع المتاهات حتى يخلق الضوء بنفسهُ ، و يروي الحكايات ليغيره و يلبس ثوب الحكمةً من مأزق مواقفه ويتحلى بالنضج من تجارب فعلهُ .

كان متوازياً في الفكر العملي خلق الإدارة في الإرادة و اللين في العاطفة ، كان يسعى في النهار منجزاً و كان يغني في المساءُ شعرهُ ، اجمع بين عقلاً ناضج و قلباً شاعرًا، تلك السطور الذي بقيت أثارها فوق صفحاتهُ حملت إلينا كل المتاعب الذي مال فيها و انتصبت به و تلك القراءات التي كان يتحدث عن وعيها ظلت تنمو مع اتزان رؤيته فيها ، وتلك اللقاءات التلفزيونية التي كانت تأخذ من اقوالهُ البساطة في الحوار و العمق في الجواب كلها كانت تأخذ بأيدينا إلى تغيراً جذريًا يصقل فينا المعرفة التي تملأ علينا فراغ عقولنا منها ، وتجعل من الهزائم التي نقع فيها دافعًا قوي يؤهلنا إلى قفزات غيرها .

كان شاعرًا يصنعُ من الكلمات جمالها و من الإلقاء أثراً علَى مسامعنا ، وحينما تغيب عنا لم يغيب بل ظل رفيقاً للأشياء المحفورة به في الأدب والعمل الإداري ، أصبحت الإدارة ترتبط باسم غازي القصيبي وكأنه يبلل الأشياء بمفهومًا بدا منه واتسع باجتهاد زائره ، لم يكن قاسيًا بل كان يحاول إن يفهم الأشياء بمعانيها لا بمعتقداتها المرتكزة على مخيلاتها، تعلم ليتمكن من ثمار نفسهُ و حينما أثمرت ارضهُ كان يشارك النَّاس خير علمهُ و رقي فعلهُ و انتقاءه فكرهُ وتعاملهُ مع الآخرين و الحياة بما تحملهُ من حكايات البهاء و بقايات الإبداع و نهايات موثرة و قناعات واعية .

الأديب غازي القصيبي ، شخصية مبدعة لم يكن قاصدًا في حديث عنه كانت الأشياء كلها تتحدث عنه تخبر القارئ عن مدى الأفكار التي ترافق الكتابة الذي كان يمارسها ، و عن الإشعار التي أزهرت على مشاعرهُ فكأن أهلاً لها ، أبرز لنفسه المكانة القيمة وإلى الآن تحمل في داخلها حكاية الأيام و صقل الخبراء و صناعة المهن و الإنجازات .

أعجوبة معجزات الخالق

أ.بشاير خالد الصفران

أعجوبة معجزات الخالق

ليلةٍ كباقي الليالي الهنيّة يشيد عنوانها بديع الخلق الجليل، ففي وسط ظلام الليل الدامس كنتُ جالسةً اتأمل جمال تلألؤ السماء بالنجوم البراقة وبهاء البدر المنير في وسط السماء عالياً ومضيئاً، لوهلة عَلا معه فكري بأعجوبة واصبح مضيئاً كضياء وجه المؤمن النقي، حيث ابحرت بعمق المعاني والأماني التي ليست على الله مستحيلة، عندما اتبصر عظمة الله سبحانه وجلاله اشعر وكأن القلب يرتوي بماء عذبٍ يملئ الفؤاد ويطهره، وعندما اتبصر لطف الله الخفي بعباده وكأن القلب له اتصال بربٍ رحيم يشعر بحال عبده ليُخرجه من الظلمات إلى النور، ومن الجزع إلى الصبر، ومن القنوط إلى الأمل، معجزات الخالق تستحق التأملات، فكم من مريضٍ شفاهُ الله، وكم من حزينٍ جبر قلبه، وكم من مهمومٍ قر عينه، وكم من منتظرٍ أعطاه الله حتى ارضاه، هو الله ليس كمثله شيء في الأرض ولا في السماء، ومعجزات الله ليست كمثلها معجزات فهو يختار لنا ما هو الأنسب لحياتنا دائماً ويرتبنا ويرتب أمور حياتنا بما يراه خيرٌ لنا وتجهلهُ محدودية إدراكنا لخيرة الله واختياراته، هو الله الوهاب يهبنا من نعيم الدنيا والأخرة حتى يُرضينا ويجبر شروخ قلوبنا، هو الله السميع يسمع أنين اللب في غسق الليل ويرى جروح مُهجتنا لكنه ليس بغافل حاشاه جل جلاله، فسبحانه يعلم أنك قادر على تجاوز ما ينزل عليك من شدة، فاللطيف لا يحمل نفساً إلا وسعها، فعليك أن تعمل بالأسباب وتلجئ إلى الله حباً وطاعةً وتطلب منه طلب العبد التقي، أن يُذهب ما حل بك من سخط، وأن يُنعم عليك بالخيرات والعوض الجميل، فبعد الصبر عوض جميل من الله ومع العسر دائماً يسر وفتحاً من عنده جل جلاله، حيث اقسم الله سبحانه في كتابه الكريم مرتين في سورة الشرح تحديداً وقال: إن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا، ففي مجمل الآية الشريفة يتبين عظمه ولطف الله بعباده وان الشر يعقبه خير وان العتمة تعقبها رؤية ونور وان الحزن يعقبه فرح وهناء، فلا تظن أن الأزمات والمحن دائماً من غضب الله عليك وكن متيقظاً وتبصر جيداً أن أشرف الخلق الذين هم الأنبياء ابتلاهم الله سبحانه، فالابتلاءات ليست دائمة والأحزان ليست دائماً كالغيمة السوداء تلاحقك أينما ذهبت، دائماً هناك جانب مشرق في كل امر، وجه فكرك ونظرك للجانب الجميل في حياتك، تبصر عطايا الله لك وكن راضياً وقنوعاً بما لديك، ولا تمدن عينيك لما عند غيرك وأشعر بالامتنان والشكر لله عز وجل بكل ما انعم به عليك، فبالامتنان يطمئن القلب ويهدأ الفؤاد، لا تقلق حول أمور تظن انها تسير بميلان لكن تبصر قدرة الله وستدرك أنها مستقيمة، فمن كان مع الله لن يخيب ومن توكل على الله تباركت حياته بل والاجمل صحح له نظرته للحياة فأصبحت الظروف التي كان يراها ألم اصبح يراها خير من الله بل وأمل، فالقرب من الله دائماً حياة وهناء وخير، ما أجلً أن يكمن في جوهرنا اليقين والثقة بالله سبحانه، ففي سورة الزمر اية تحفها الطمأنينة من كل جانب، حيث قال تعالى: أليس الله بكافٍ عبده؟، هذا الاستفهام الذي يورث في القلب السكينة هذا السؤال الذي يضخ المهجة أماناً ويجدد الروح في الجسد، والجواب بين ثنايا العبد وقلبه، فأليس الله بكافيك أيها الانسان؟ أيها العبد المأمون لك ربٌ أقرب اليك من حبل الوريد، ولك ربٌ يقول ادعوني استجب لكم، ولك ربٌ امرهُ بين الكاف والنون، فليطمئن قلبك ولتهدأ نفسك فلك ربٌ قريبٌ مجيب.

الكاتبة: أ. بشاير خالد الصفران

مُقلة عينٍ جافة

أ.بشاير خالد الصفران

مُقلة عينٍ جافة

في ذات يوم كباقي الأيام المُزهرة كنتُ جالسةً اتأمل رسوخَ وشموخَ الأشجار، عاليةً بتفاصيلها الدقيقة والرقيقة، وبتفرعاتها الجذابة من جذورها وحتى أوراقها النديّة المُخضرة كأنها مرسومة بفرشاةٍ على الورقِ، وأرتشف قهوتي المفضلة مُحلقةً بجمالِ تلألؤ الأزهار برائحتها العطرة وتمايلها يميناً ويساراً بلطف النسيم المنعش، وفي حوزتي العبق الثمين الذي في لُبه السطور والحروف والكلمات المخلدة في العقلِ والقلب كتابي الذي استمتع بقراءته، واستشعر روعة امتزاج رائحة بُن القهوة وصفحات الكتاب، لوهلة وأنا مُنغرسة في ربوع تأملاتي ولحظاتي العذبة، إذ بصبيٍ حلّق من أمامي مع والديه ويبدو أن الصبي يمتلك من العمرِ ستة سنوات، فكان هذا الصبي يبكي فنظر إليه والده بحده وبنبرة حادة وقال له: كم لي أن أقول وأكرر أن الرجل لا يبكي، فرفع الصبي رأسه ينظر لوالده بهدوء واقفاً مصطنع القوة كي لا تأتيه سهام الحروف الناقدة التي تبعثر فكره، امتص الصبي دمعته وبلع ريقه وفي قلبه حكاية، وأسأله في لُبه بها علامات استفهام يريد لها الإجابة، انني اكتب هذه المقالة بغرض التوعية نعم جميعنا نريد أن يكونوا أولادنا رجالاً أقوياء لكن لا بد من أن يكون هناك ادراك ونضج فكري ومعرفي لفعل ما هو الاصح والاصلح لأولادنا وذلك حفاظاً على صحتهم النفسية وتكوين شخصياتهم، وذلك يجب عمل خطة تطبيق مدروسة لتكون النتائج إيجابية، أولاً وقبل كل شيء البكاء ليس عيباً ولا استنقاصاً ولا اهتزازاً كما يعتقد البعض فلو كان البكاء للرجل عيباً لما خُلق للرجل دموع، ثانياً الإنسان تحملهُ العاطفة مثل الجرة التي عندما تملؤها وتملؤها على حد الامتلاء إذا زادت عن الحد فاض أو انكسر فالحل هو ان نملأها بما تستطيع أن تتحمله كي يسهل علينا أن نُغلقها بإحكام، نحن في طريقتنا في التعامل مع هذا الصبي هي من تحدد هل سنبني رجلاً قوياً أم لا، فإما ان نسقي بلطف لنبني، ام نسقي زيادة عن اللزوم لنهدم، ام لا نسقي شيئاً فتصبح الأرض قاحلة، ففي طريقتنا في التعامل معه نجعله ينهض بشجاعة او ينتكس بسهام حروفنا المؤذية التي تخرج من افواهنا لتحرز هدفاً مؤذياً، ففي بعض الأحيان ما نستمع إلى أوهام ومعتقدات وخرافات جاهلية لا دليل لها ولا تفنيد، بل بسبب تداولها بكثرة صدقها الناس بدون سابق حساب، رسالة إلى الآباء الافاضل لا تضغط على اولادك أو تجبرهم قسراً على عدم البكاء لكونهم أولاد بل واذا بكى تُعايره! سيشعر هنا بالضعف، وانت في سلكك لهذا النهج لن تستطيع تحقيق هدفك الذي هو صقل شخصية قوية بل هنا انت تقوم بإنشاء شخصية هشة وضعيفة، نعم صحيح انت تريد ان تبني شخصية قوية لكن انظر لطريقتك في التعامل معه هل لها تأثير إيجابي ام تأثير سلبي، احتوي اولادك بحب وقم بتعزيز مميزاتهم وتنميتها وافسح المجال لهم بالتعبير عن آرائهم ومشاعرهم دون قمع كي لا يختبئ ابنك وراء قناع مزيف لا يُطاق ولا يُحتمل بل ويكتم الانفاس، قم بترميم شروخ لُبه واضئ مُهجته بالألوان البهيّة والبسمة الندية والكلمة الطيبة النابعة من صميم القلب، لا تغرس في عقول اولادك ان الدموع لا تنجرف من الرجل كي لا يعتقد ان البكاء عيب للرجل او ضعف، نُلاحظ بعض الأولاد يكون لديهم عنف زائد وذلك نتيجة الكبت والتراكمات فهو بحاجة إلى ملجأ آمن يبوح ما بداخله ويُعبر دون خوف من الجرح، وبالنهاية مع الكبت والتراكمات يكبر الصبي بمشاعر جافه وتبلد وذلك سيؤثر على صحته النفسية، لذلك منح الله سبحانه وتعالى البكاء للإنسان كي يشعر بالارتياح ويُخرج ما بداخله من سموم المشاعر السلبية، فانهضوا وتيقظوا من كهوف الجهل وكفوف الفكر المحدود فالإنسان بطبيعته يبكي ويشعُر ويتألم، وابرزها البكاء من خشية الله فهي نعمة من الله يؤتيها من يشاء.

الكاتبة: أ. بشاير خالد الصفران

لا تنسى أن تفهم

نوره بابعير

لا تنسى أن تفهم

انتقادك في الأشياء لا يعني أن الاشياء سيئة الوجود ربّما أختلفت الفكرة التي تفصل بينك وبين عقول الآخرين عنك ، لكن هذا لا يعطيك الحق بأن تموت حضورها أو تذبل لالمعان تأثيرها لمن حولها ، الأفكار التي تنبت من عقولنا ، هي تتبع حقولنا و نحن لا نستطيع أن نجبر غيرنا في المشاركة بها ، حينما تنتقد عليك أن تفهم الغاية من فعلك هذا هل هو الإصرار في تغيير الأشياء تحت ظل أفكارك أو انتسابها إلى حراك فكرك فيها ، التطوّر الذي ينتج من النقد لا يحتاج التكلفة في تلبية الرغبات الشخصية بقدر ما تحتاج إلى الرغبات الاجتماعية ، لإنها تستطيع أن تغير مجرى العقل إذا كانت في المكان الصحيح ، وتتجرد الغاية من تقليدها دون الإقناع فيها ، البعض يتعامل مع النقد كفرضية ملحة في تنفيذها وهذا ما يجعل فائدته تسقط من ممارسته ، والأخر يرى أن النقد مثل النحات ينحت الزوائد ليبقى الأهم في إبراز وعي ناضج يمارس به الإنسان قيمة الوجود من هذه الحياة . لذلك لا تقبل الأفعال التي تجعلك فاعلًا بلا معنى تأخذك إلى آفاق جيدة تجسد لك الطريق بصورة أفضل مما انت عليه ، لا تصبح ثرثارًا فيما تسرد ويبقى سردك فارغًا من وعيك وتبقى سرابًا يظن أنه يروى كل السمات و الصفات التي تكبر مع فعل الإنسان تعود على الفكرة التي يسعى في تفعيل وجودها بين ذاته و الآخرين والأشخاص الذين يتماسكوا بالنقد ليغيروا العديد من الاحتياجات البشرية و العقلية قد تفلت منهم الحقيقة الواعي من ضغط الأشياء فيمارس كل شخص حقهُ في الفهم رغم أنها خطيئة واضحة لا تتناسب مع غيره . المشكلة التي تحجب النقد عن صوابه حينما يعلو الإنسان فيما يفكر به دون أن يترك مساحة الأفكار من زاوية الاخرين وربّما حتى الحياة نفسها لهاَ زواياها التي تضعنا فيها لنفهم الرسالة التي دائما تحثنا على سيرها بالطريق المتوازي فيها . الأغلبية قد يقع في الأعماق الخارجية دون أن يرى الأعماق الداخلية وهذا يفسد للبصيرة وجودها فيبقى كالأعمى يسير الطرقات بلا بصيرة تقوده نحو نجاتها .

حينَما تخبطت الذّات تصحوا الأخريات

نوره بابعير

حينَما تخبطت الذّات تصحوا الأخريات

أن القوة الذاتيّة تستطيع أن تبني لها قيم ناتجة عن إرادة قانعة في فَهْم الحياة ثم تحول كل الأشياء إلى محطات منقسمة تفرّق العبور كما يريد زائرها ، بينما الشمس التي تسطع كل يوم تعطيك حق الإنتباه في كل ما يخص تغيرك والأرض تعلمك اللين في سيرها أن كانت مبللة أو يابسة ، الإنسان هو الميزة الحقيقية في كل الإنتاجات الفكرية لإن هو المفصلة القادرة على تفريق بعض العقول في مساحاتها الهادئة و الثائرة ، يتوقف العقل كحقول محدودة تصنع الحواجز بين التغير و التغيّر الأخر وصول العقل إلى هذا الحد يبرز القدرة ثم يصبح في مجال الإكمال حتى يصنع لنفسه القوة الممثلة لهويته الذاتيّة المستقلة به ، أن يصل الإنسان مرحلة الاستقلال الفكري لا يمكن أن يهتز في مجموعة تساؤلات الآخرين بل أجاد الإمكانية الازمة في أختيار الفهم المستحق من كل هذه التساؤلات أو الحوارات. الأوقات المتاحة تؤهل العقل للأوقات الضيقة ثم تجمع بينه وبين النضوج وصلة ثبات تصقل كل مناقضات الوقت و من يقف به ، ليدرك أن مازل للعقل متسع فكري يقوده إلى أشياء مختلفة تنتج من صلابة وعيهُ لين المسار و القفزات التي تحدث في الحقائق هي المبادئ التي يتحلى بها الإنسان في تكوين هويته الذاتية وتمييز وجودها بالحياة ، إذا كانت القوة الذاتية في العقل فأن قوة الإنجاز في الانضباط وإذا كانت الحكمة في العقل فأن الأفكار هي الأبواب والآفاق المترتبة عليه في بقيت حياته وربّما لذلك حينما تحدث الكثير عَن ترابط حياة الطفولة في الكبر وكل ماَ بنى عليها يعود منها ، ولا أدري أن كانت حقيقة ولكن أدرك أن البقايات تظل مع الذات وتجعل للإنسان الاختيار بين تشكيلها عليه أو على المجتمع ذاته . مهما تمكّنت الأفكار القيمة في تكوين الصورة المقربة لوصف الذّات و القوة الكامنة بها لأبد أن يقع الإختلاف بينهما لأنها بطبيعة حالها مغيرة مع أشخاصها و ميولهم نحوها ، هناك من يملك ذاتً واحدة و آخر مجموعة ذوات أفسدت عليه بقائهُ نحوها ، بين انتباهًا و شتات عقولاً ذابلة و أخرى ناهضة ، القدرة العميقة في توزيع الإمكانيات هو تحسين الداخل مما هي عليه الآن و الإصرار في مكان واحد لا يجلب لك الإنجازات الفعلية وَلا المهارات العقلية، الاستمرار في المشاء هو نجاتك الدائم في كل محاولات سعيك للحياة .