نوره بابعير
ما السبيل للنقاش المثمر – جاكوب نيدلمان
الاستماع لشخص آخر بداية عميقة للأخلاق لماذا أقول ذلك ؟ لم أسمع أن أحدا قال هذا الكلام ، لكن لعل أحدا أفضل مني قاله .
أستعرض هذا بتجربة أجريها عادة دون أن أعي في بداية ثقلها الأخلاقي المهول .
هي تجربة سمعها كثيرون ، بل ويستخدمها المستشارون لكن ليس لهذه الغاية تحديداً وهي : دراسة الاستماع لشخص آخر .
التجربة : حينما يختلف شخصان عن موضوع مؤثر جداً وفِي الكتاب أستعرض مسألة الإجهاض والتي هي واحدة من أصعب المسائل في زماننا ، لأن كلا الطرفين لديه حجج قوية .
يأتي الشخصان في مقدمة الفصل ويطلب منهما الآتي : الشخص الأول عليك أن تذكر رأيك في مسألة الإجهاض (في هذا المثال ) وأن تذكره بإيجاز .
الشخص الثاني : يمكن أن ترد على الشخص الأول بشرط أن تلخص رأيه بطريقة يقبل بدقتها الأول . وعليك ألا تدلس .
أي أن الشخص الثاني يجب أن يكون دقيقًا جداً وعلى أن الشخص الأول ألا يكون رحيما وأن يقول : ” لقد نسيت هذه الجزئية ولا ليست كذلك ” .
وأنا – بصفتي مدير الجلسة – أقوم بهذه المهمة .
إذا قال الشخص الأول شيئًا وقال الشخص الثاني : أنت قلت هذا : فأجاب الشخص الأول ” نعم ، هذا قريب بما يكفي ”
فعلي أن أقول : لا ، هذا ليس قريبا بما يكفي ، حاول مجدداً، وحاول مجدداً، و حاول مجدداً . و يستمر الحال على هذا المنوال . إذ لا يمكن للشخص الأول أن يرد إلا إذا لخص رأي الشخص الثاني على نحو يقبله . واضح ؟ ويستمر الحال على هذا المنوال .
يقول الناس : بإمكاني القيام بذلك ، لكن الحقيقة أنهم يتافجئون من مدى صعوبة الأمر ، لأنهم يكتشفون أنهم غير قادرين على السماع كما كانوا يظنون وأنهم يستمعون إلى آرائهم معظم الوقت أو ينتظرون أن يلتقط الشخص الآخر أنفاسه ليباغتوه.
ينتظرون أن يفوزوا ..
أما إذا أرادوا الاستماع لتحقيق هذه الغاية فعليهم الرجوع قليلاً عن أنفسهم و آرائهم. وأن يخلقوا مسافة داخل أنفسهم وعقولهم وقلوبهم ليدخل الشخص الآخر .
ليس عليك أن تقتنع . أبداً.
بل عليك بكل بساطة السماح لهم أن يدخلوا وكأنك تضيف ضيفك بالشاي والكيك وتودعه ، لا تصعد به للدور العلوي ولا تقوم بشيء بل تجلس لتسمع وهذه هي بداية الأخلاق . هي بداية ما سيُصبِح مستقبلا القدرة على الحب .
لأنك لتسمع على هذا النوح عليك أن تتنازل عن كبريائك وأن تبتعد عن آرائك التي أنت متعلق بها والتي نريد أن نقتل لأجلها الذي يختلف معنا وهذا يستمر مرارا .
الذين يخوضون هذه التجربة رأيتهم مرارا ينتهون وهم مختلفين – وهذه ليست القضية – لكنهم يخرجون ممسكي الأيادي لأنهم أدركوا أن الذي أمامهم إنسان . وأن الذي يختلفون معه فكرة الشخص لا وجود الشخص ذاته .
بينما الآن لو اختلفنا بشدة فقد يصبح الأمر أقرب للاغتيال .
الذين يختلفون معك ينكرون ذاتك ويريدون قتلك بغضهم و هذا تمسك أناني .
اهمية النقاش تاتي من التسامح . لا نقاش يؤدي الي الكراهية . علينا ان ندرك ذلك . ربما لو ادركنا ذلك قلت الكراهية بين الناس .