تهمة الفَهْم

نوره بابعير

تهمة الفهم

بين التخلي و الأخذ مساحة فارغة وأخرى الامتلاء طغى عليها تصبح عالقة بين ترتيب الأشياء مَن البدايات حتّى النهايات تجرّد المفاهيم من أثر المعاني ثم تقطف الأخرى لتكمل بها أجزائها المستجدة من أصل الوصول الذّي قادها إليه ، ثم تحترق الأفكار كلها ليبقى سؤالًا ذو صحوة دائمة أيهما أقوى تأثيراً في التغيّر على الإنسان ،حينَما يتخلى عن أشيائه التي كانت من اعتيادهُ أو حينَما يكتسب الأخذ من المستجدات التي لم تكن موجودة فِيه ؟ولماذا يحدث ذلك حينما يقع الإنسان في المنتصف بينهما لتصنع فروقها عليه بين مغايرات حادة وأخرى ندبه لا شيءٍ يؤثر بها سوى الأثر ،و ثباتً متأكد يثيرُ في العقل قيمة بقائهُ به ،دائماً هناك مساحة أحتاج إن تملىء مسماها من مراحل الإنسان العابر فيها ،ومن الوقوف أمامها ومن الرحالة في أتساع العالم كلهُ ، كيف تتلون الأحداث كما تنقسم الأسباب و الأفكار و المتاهات التي تخلق الطرقات من خلفها وتبقى متزاحمة في العقل حتى ينبي لها منازلاً تجعل الإستقرار مبادئ لها . ماذا عن تلك الشرود في فكراً ملطخ بينهما لا ينصف النضج وقوعهُ عليهما ، يجعلهُ ثرثارًا يخيط الأفكار على أطراف لباسهُ ،بعض التخلي يعيدك إلى الخلف قليلًا وكأنك تصنع الحلوى من جديد من بداية صنعها حتى تلذذ بطعمها ، فيتحول العقل من متنبأ إلى متناقضًا يرفض الأجزاء الساقطة منه و المتبقية التي تزن عليه بأكمل بقاياها المخبأة في بداياته الأخرى ، وبعض الأخذ يجعلهُ مزدحماً فيما أقبل عليه من الإضافات التي تفرض عليه التفاصيل الغائبة عن فكرهُ فيها ، فهو مجبرًا على تفعيل حواسهُ كلها ليكون شيئًا عادلًا فيما أخذ ، تلك التّيه في الإنسان و العقل بين وفوق افكارهُ و حقائب أزمنته تجعلهُ سائرًا في الحياة كلما يعتقد أنه وضع قاعدة ما ترتب لهُ الأولويات يرى أنه متأخرًا في معرفة المزيد من المفاهيم المرتبطة بالحياة الناضجة لم يكن ذلك النضج قاسيًا بل كان لين العقل في الوعي مهزومًا و كان النضج يصرخ كل مرة ليعيد صواب العقل في مكانه .

نوتي كورنر

أ.سارة العتيبي

هناك العديد من الاستراتيجيات والفنيَّات الخاصة في تعديل السلوك، منها تستخدم للتعزيز والتحفيز ومنها يستخدم للعقاب والتغيير. مقال اليوم سوف يسلط الضوء على احدى طرق عقاب الأطفال الشائعة في إنجلترا منذ 200 عام، ألا وهوَ ركن العقاب أو نوتي كورنر (Naughty corner) وهي وسيلة عقاب قديمة جداً بدأت في العصر الفيكتوري في إنجلترا. وفي عصرنا الحالي هذه وسيلة عقاب قد تكون جيدة في بعض الجوانب لكن استخدامها بصورة خاطئة يؤثر سلباً على دوافع الطفل. فما هي القصة؟ دعونا نبدأها من 200 عام.

بدأت فكرة ركن العقاب للأطفال في إنجلترا في العصر الفيكتوري. وكان الوقوف في الزاوية هي الطريقة التي يتم بها عقاب الأطفال. وقد انتقلت في نفس الوقت تقريباً هذه الطرق إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
والأصل في فكرة الوقوف في زاوية العقاب هي منح الطفل الشعور بالعار والعقاب وبالتالي يبتعد عن السلوك الخاطئ. الفكرة في البداية تعتمد على شعور الطفل بالخزي أمام زملائه وبالتالي لا يكرر من سلوكه مرة أخرى! لكن هل هذه الفكرة قادرة على النجاح في وقتنا الحالي؟

كيف لنا أن نحول ركن العقاب إلى وسيلة تربوية فعالة؟
العقاب بطريقة العزل (time-out) او النوتي كورنر (naughty corner) فى بعض الأحيان يأتى بطريقة عكسية بسبب استخدامه الخاطئ. وحتى لا يتحول الأمر إلى عقاب سلبي سوف نحتاج إلى وضع بعض القواعد المهمة، أوضح د/ أحمد أمين استشاري طب الأطفال شروط يجب الالتزام بها للحصول على نتيجة جيدة من العقاب وهى :
١- يجب أن يكون ركن العقاب ليس مكاناً بعيداً ومنعزلاً، ولا نترك الطفل في عزلة.
٢- أثناء جلوسه في النوتي كورنر وضحي له نوعية الخطأ الذي قام بارتكابه.
٣- سيطري على انفعالك حتى تكوني قادرة على توصيل المقصد من العقاب للطفل.
٤- لا يزيد العقاب عن 5-6دقائق حتى لا ينشغل فى اللعب مع نفسه ويفقد التركيز فى العقاب.
٥- لا تجعلي الاعتذار هو الوسيلة التي تساعد الطفل على الهروب من ركن العقاب.
٦- لا نستخدمه قبل سن السنتين حتى يفهم معنى العزل .
٧- الوقت المناسب لعزل للطفل يكون مناسب لعمره، دقيقة لكل سنة، الطفل الذى يبلغ 4أعوام يعزل لمدة 4دقائق .
٨-وقت التفاهم و التصالح يأتي بعد انتهاء مدة ركن العقاب وليس قبله
٩- شروط اختيار مكان العزل الهدوء وبدون وسائل التسلية

الطفل والنفس البشرية بعمومها عظيمة في غرابتها وفي عجبها وفي تقلباتها، فالطفل عالم من المجهول لا يكاد يعرف مسالكه ودروبه الخفية إلا التربويين، الذين يتبنون عقلية الحل ويتسمون بسمات القائد ويحملون المسؤولية ويتحلون بالسواء النفسي.

( يوم عادي جداً )

ولاء الشمري

في يوم عادي جداً من شهر آب اللّهاب، بالمناسبة انه شهر ميلادي، لا اعلم هل استمر في حبه، ام اتوقف كلما تذكرت انه شهر الغزو العراقي على كويتنا الحبيبة في اغسطس ١٩٩٠..
عودة الى اغسطس ٢٠٢٤ كان يوم شديد الحرارة، وكان تكييف سيارتي معطل، لا يهم كثيراً، ف انا ابنة الصحراء والبادية، جلودنا تتأقلم على كل انواع الطقس، كما قلوبنا تتحمل تقلبات احبائها، ولم انزعج من هذا الحر الشديد، بل كنت طربانة وانا استمع في المحطة الاذاعية اغنية الراحل عبدالكريم عبدالقادر وأدندن معه وهو يقول:
” ياللي كلمه وحده منك، ترسم الدنيا في عيوني “، وتساءلت بسخرية لماذا يبخل الحبيب بكلمه!؟
كان برفقتي كتابي، اخذته معي على المقهى المفضل لدي، لن اخبركم عن اسمه، ف طلبت الحلى المفضل لدي، وكذلك لن اخبركم ماهو، لكن سوف اخبركم ماذا اخترت ان اشرب معه، اخترت الماء، ف منذ سنة وشهرين، منعني الدكتور من شرب القهوة، يعز علي اننا افترقنا قسراً، تباً لنوبات الهلع، كانت السبب، لا يهم حيث ان النوبات هي نتيجة، تباً لكل الاسباب الرئيسية..
استمتعت بمأكلي ومشربي، وغذيت عقلي بالقراءة، ولكن رغم انني دائماً اختار زاوية بعيدة عن الانظار، حتى اخلوا بنفسي، ولكن هذا لم يمنع من انني استشعرت نظرات الموجودين وكل من يمر، وصلني مع هذا الاستشعار، ان تلك النظرات فضولية، لمعرفة بماذا انا منغمسة، ما الكتاب الذي بين يدي، ولماذا انا مندمجة به، واخرى نظرات اعجاب، حيث ان القارئ اصبح وكأنه هارب من متحف يضم نوادر البشر! نعم القارئ ذو قيمة ومكانة، ومن المؤسف ان حتى هذه الهواية، لها دخلاء، ومزيفين، مدعين ولعهم بالقراءة، لا اعرف كيف يشعرون عندما يتقمصون شخصية لا تشبه حقيقتهم! احياناً استنكر، واحياناً اقول في نفسي، دعيهم، ف ربما يعجبون حقاً بهذا العالم ويكونون قرّاء صادقين..
الصدق اساس كل شيء، ولا عزاء لمن ادعى، ف عند اول اختبار سيسقط معنوياً سقطة مدوية..
لكن الكذب يراه البعض كا تجربة فخرية مغرية، هو كذلك لكن اياً كان الشعور الجميل المصطحب معه، فهو مؤقت وهش مهما بدا صلب، ومهما استمر، سيُكسر وينتهي ذات يوم، كالغرور سيتحطم ذات يوم ، كالكذب سينكشف ذات يوم، وكالحقيقة ستتضح ذات يوم ..
بقلمي..

قصة قصيرة – أفرطت المعنى في أنعكاس الجمالَ.

نوره بابعير

قصة قصيرة – أفرطت المعنى في أنعكاس الجمالَ.

أقلع الأشياء مِنْهُ بحجة الثقل على الأكتاف فظل ينحت الجبال و الصخور باحثًا عن شيئًا ما قد خفي منه ، سائرًا على الآثار متعجبًا متسائلًا عنها متبسما ببقائها متوجهًا فيها ، ساكنًا لها معرجًا في ملامحها ، كان باحثًا ولا يدرك ما الذي وقع به ليصبح كل هذا الآمر على راسهُ ، كانت الحجة مثل سلسلة الخيوط الذي لا منتهى لها تتكاثر عليه ، كان يصقل ترتيب التساؤلات يدرك البناء الذي سوف يقف عليه و العلو الذي يصل إليه ، كان يرسم الأشياء في مخيلته يتصورها وكأنها حقيقية ، كان مارًا في أحد الطرق فوجد ظلهُ يلاحقهُ كلما تقدم تلاصق به ، ثم انغمس في تساولاتهُ أيهما يبني صورة الآخر ظلهُ المنعكس في الأرض أو هو من يهيء الصورة كما أرادها كانت الآفاق تفتح نوافذها له لتاخذهُ نحو الأعماق ، فتشبث الأفكار بين ظلاً و ظلالهُ أيهما جزء الآخر ؟ فأصبح يتحدث حديث النفس مع ذاتها عن تِلْك الانعكاسات التي تحدث بين الإنسان وداخله ، حتى توقف عند مرآة كاد أن يسرح شعرهُ ولكن خطر في بالهُ ماذا تعكس المرآة عنه ، ما يريد أن يفعلهُ هو أو ما تريد فعلها هي ؟ بدأت تتناثر عليه الأقوال بلا جدوى فتحت الطرقات لكن لم تجعلهُ ساطعًا كالضوء الذي يشعل بعد ظلامهُ و كالشمس التي تشرق بعد غروبها ، كان يقلعُ الأشياء منه كمسمارا عالقاً في الجدار و الأبواب و الألواح ، لم يتقبل هذا الفكر الذي أصيب بالازدحام ، كان يركض بلا تحريك جسدهُ كان يشعر أن يفعل دون أن ينفذ اشيائهُ كان عالقًا في الأفكار التي لا تهديه أجوبتها ، حينها توقف أمام أريكة ما تخلو من الأشياء متسائلًا عن ماذا يريد من كل هذه الأثقال التي تثاقلت عليه بالفهم ، حينها وجد أنهُ باحثًا عن المعنى الحقيقية في محرك الجمال داخل الإنسان ، تلك الانعكاسات التي تفرض التفعيل وتجسيد أشخاصها كانت متعلقة بالعقل الذي يفكر ! كان معتزلًا ومتصلًا بالفهم الذي يعيد أماكن الأشياء في زوايا الجمال كان يرى الأشياء مثل المسارح يصفق الجمهور بعد سرد حكائها . قائلًا أن فاصلة الآنسان قدرتهُ في مراحل آفاق الجمال ، كلما اقتربت الذات من المعنى كلما ألقت حركها الساكن يرقق لها الذات من أثر داخلها.

أيقظ عقلك تنال انضباطك

نوره بابعير

انضباطك في فكرك ، يضيف لك التوازن الملحوظ في أفعالك ، كلما سعيت في المعرّفة ظللتك بقواها الناتجة عن ثمارك فيها ، غالبًا ما تكون في البدايات الفوضوية الزائفة و تجتاحك بين أوقات متفاوته ، لكنها لا تستطيع أن تحجبك من الإكمال في سيرك دون عواقبها ، القفزات التي ترفع من مستوى العقل هي المحركات الراكدة التي تأخذك في غفلة الإنتباه منها ، لذلك دائما التطوّر مغروس بداخلك لكن ينتظرك انت من تجده حتى يعطيك ثمارك المدفون بك .

انضباطك في فكرك ، يعلمك المستويات الفكرية لدى عقلك ثم يجعلك تمارس الإتقان في العلم لتبرز كل مقاوماتك القيمة لتصل إلى قدرة كافية من الاتزان لتحفظ لك مبادئك المؤثرة في عقلك الباطن .

لإن الإنجاز الذي يبحث عنه الإنسان لم يكن معقدًا أو لا يستحقه حينما تتأخر عليه القبول بالنتائج المرضية ، هناك رسائل في ذلك الأمر يعيد للإنسان قوته المنسية ليخبره عن “أخرج ما بداخلك تنال ما يشبهك ”

في مبادئ كثير لأمتلاك ضبط فكرك .
أفهم داخلك أولاً ما الحاجة من ذلك الإصرار في اختياراتك لبعض الأمور وهل قيادتك لها سوف تقيم لك إضافة جيدًا أو مهزوزة لا تضرك لكن ما تأخذك إلى الأمام بصورة أفضل ترتيبك من الداخل يسهل عليك مهام الخارج لتستطيع التحقيق فيها بخفة دائمة لا تعيق فهمك .
الالتزم بالصمت في كل أمر تقدم عليه ولا تملك خلفية تامة عنه أستقبل الجديدة لتهضم معناه أولآ طبيعة العقل تبحث عَن الانتقاء في الفهم لتبقى متوازنًا في تفسير الأشياء و بناء مستحقاتها عليك .
أجعل عقلك خزينة اجمع كل ما يساعدك في تطوير أفكارك في تغيير مفاهيمك الانضباط يأتيك مجرد ما تشعر بإن الداخل قد أمتلأ بما تستحقه من قدرة فكرية و فعلية تؤهلك في البقاء أمام كل احتياجاتك لها .

في خزائن العقل سرائر الإنسان

نوره بابعير

أحيانًا وجود هدف في حياتك يجعلك منشغلًا بك لست بحاجة للسعي خلف الآخرين مهما يحدث أمامك يبقى عقلك مرتبطًا بكل ما يخصك لا تحتاج إلى الأعذار أو الحجة التي تلهيك عنك لإنك تعرف الحَيَاة الحقيقية تبدأ منك وَ احتياجاتك هي الأولوية في بنائك و الآخرين مجرد إضافات لكنهم لستُ أساسك القيم الذي تستطيع من خلاله تبني جميع ما ترغبه و تحققه ، الهدف قوتك الثابتة كلما إتسعت أهدافك وجدت نجاحك ، النجاح فعل يغيرك بطريقة دائمة متمكنة من غايتها فيك ، لذلك الأهداف تستطيع أن تحسن من أفكارك من تعاملك مع الحياة ومع اختلافاتك و مع انسجامك و رفضك ، هي القيمة الحقيقة الموجودة بداخلك كلما ضعت تحسس عن هدفك ستجد طريقك المضيء و قوتك المستحقة من جميع تجاربك سواء كانت فاشلة أو ناجحة جاهلة أو ناضجة مهما وقعت وَ تفكرت تجد أن خلف النهوض هدف يزن عليك بالاستمرار و بالتغير لوجهتك و لرؤيتك و لكل شيء يساهم في وصولك له ، أحيانًا الأهداف تهذبك ترتبك تعمقك ، تلقي عليك الهزائم ثمّ تنصحك بالنهوض الناضج القائم على فكرة واعية تنقذك من جيمع أفعالك السابقة ، استشعارك لنفسك و لأهدافك قوة متوازية تحفظ لك قيمتك أتجاه نفسك قبل خوضك العميق أتجاه محيطك و حياتك الدائمة ، قاوم الحياة لتنال مرادك ، قاوم نصف النجاحات تكمن في المقاومة و نصف المقاومات هي جماليات الرُّوح حينما تقدر كل أهدافها لتعلن وجودها و تأثيرها في مسار الحياة . إذا وصلت إلى مرحلة البهتان لا تجعلها تجردك من شغفك فأن الشغف هو وقود أهدافك لأبد من أحياء شعورك به ليذكرك كم تحتاج من الإمكانيات لتحقق أشيائك المركونة في داخلك ، قدر كل ما يخصك لتعرف كيف تنفذ خطواتك ، كيف تتعامل معها شخصيتك و هويتك قد تبنى خلف سعيك لهذا التحقيق وقد يأخذ من عمرك العديد لتحققه لأبد استيعابك في أختيارك وتقديرك لكل ما يرتبط بك و يعتمد عليك بكل ما يكبر معك و يكبرك ، أنظر لأهدافك وكأنها الفعل الأخير منك وحينما تنتهي أعيد انظارك إلى أهداف أخرى تحرضك على تغيير كل مستحقاتك من تلك الإنجازات .

الإناء المُراقَب

سارة العتيبي

 يُقال بأنَّ الإناء المُراقب لا يغلي أبداً؛ والمقصودُ فيه هو أنَّ الشيء الذي تنتظرُ الحصول عليهِ غالباً ما يأخذُ وقتاً في ذهنك أطول من وقتهِ الحقيقي، وربما قد لا يحصلُ طيلة انتظارك ومراقبتك له، فمن الأفضل ان تشغل نفسك عنه وتتركهُ ليأخذ وقته الطبيعي، ولذلك يقال “إنَّ الصبر هو فن العثور على شيءٍ آخر تقومُ بهِ” وليس مجرد التحمل والانتظار ومراقبة الوقت. فالصبرُ هو الفناء في البلوى، بلا ظهور ولا شكوى، وقيل: تجرع الصبر، فإن قتلك قتلك شهيداً. وإن أحياك أحياك عزيزاً، وكما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: “الصبر مطيةٌ لا تكبو”.

لن تكسرك الحياة اذا أتقنت فن الصبر، ومن المؤكد ان يُنافي الصبر شكوى الله، لا الشكوى إلى الله. كما رأى بعضهم رجلا يشكو إلى آخر فاقة وضرورة.

فقال : يا هذا، تشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك؟ ثم أنشد:
وإذا عرتك بلية فاصبر لها

صبر الكريم فإنه بك أعلم

وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما

تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم

لم يعد عقلي نائمًا

نوره بابعير

أملك تِلْك الإيجابية التي إعادة عليْه كل قوايا الضائعة من قبل جعلتني أكثر صوابًا فيما أقدم عليه وكأن النضج أجاد أن يُفعل فكري إلى ميولًا يليق بي ، تِلْك الإمكانيات التي تجتاحني الآن تجعلني شغوفًا بما أسعى إتجاهه ، أن أفكاري القيّمة صنعت من غايتها إبداع القبول فيما أحقق حتى أن الإخفاق فيما وقعت به كان محطة تمكنت من الوصول في مسار عقلي الذي غاب تارةً وعاد بقوة الوضوح الذي يضيء لي كل القناعات التي تشبثت به ، أصبحت أخلق الرغبة في كل أمر أشعر أنه يستحق التنفيذ ، توجهت إلى الخطوات الثابتة و المتغيرة جعلت من التجربة ميزانًا يؤدي غرض البقاء و التخلي فيما أفعل ،ما كنت أدرك وقتها أنني تعمَّقت جيدًا في بناء عقلي و سلوكياتي وتهذيب الكثير من ذاتي كنت أبدا في كل مرة متأملًا بأن هناك استعداد تام أن ما مررتُ به كان معرفة وما تبقى منه كان حكمةً هذا ما جعلني دائما أتقن القفز في متاهات السير و الفكر كنت أمارس حق الفشل الذي يصيبني ثم أنفض غبارهُ عني حتى لا أموت مَن خوفا يُمنع العقل في ممارسة حقهُ في مغايرات التفكير وافعاله.

إنني أملك مساحة الإيجابية الفائضة التي تضعني أمام الهزائم لأخذ منها الدوافع التي تحرك الوعي في زواياها ، كنت أعلم أن الخيبة الأولى لا تقتلني بل تستطيع أن تضعني في مرتبة لا أدري إي منزلةً فيها لكن كنت على رحابة السعة في بناء منازلاً أخريات بلا ملل ، الان أشعر أنني ارتويت وعيا يجعلني أفسر الأشياء بمفاهيم أكثر توازنًا من ناحيتي ، لم أترك عقلي نائمًا ، كنت في الماضي أفعل ذلك أخشى أن أرهقه عكس الآن وجدت أن اليقظة في العقل هي النجاة من الوحل .

تعلَّمت أن رغبة العقل هي المعرفة في الشيء لذلك كلما ازدادت الأشياء عليه كانت تؤهلني في صواب الاختيار و منابت القرار لم أفهم إلا متأخراً رغم إنني أدرك أن التطور في الشيء لا يعترف بالتأخير الذي تلطخ بي بقدر النتائج الذي أثرت وأثارت فيني ، لم أفهم أن الفوضى التي ترافق العقل و تشتت التركيز كانت رسالة من العقل يبحث عن الهدوء ، يبحث عن معرفته التي يتشبع الوعي من وجودها به ،كنت متواجدة في منتصف صخب الحياة لكن لم أنتبه إنني متغيبا وعيًا و حاضرا جسديًا حتّى تبللت كثيرًا وغرقتُ مرارًا ، حينها علمتُ أن الأشياء الثقيلة تقف على أكتافك لتعلمك كيف تزيحها منك بلا وقوف .

الإحتواء الإلهي

سارة ناصر العتيبي

 الإنسان لديهِ احتياجات كثيرة في الحياة؛ أكل وشرب ونوم ومسكن، ولكن هناك احتياج إن فُقد ستشعرُ بنقصان بقية الاحتياجات، فما هو ذلك الاحتياج الأعظم؟
الاحتواءُ والاحتضانُ الرباني هو احتياج انساني عظيم، فإن فقدته سيقل الشعور بباقي الاحتياجات، لو نرجع لاسم أمنا حواء نلاحظ أنَّها سميت حواء لقدرتها الكبيرة على احتواء كل من حولها، وأجمل مثال يُضرب على فكرة الاحتواء الرباني هو تعامل السيدة خديجة رضي الله عنها مع نبينا محمد صلى الله عليهِ وسلم، والفرق بين السيدة خديجة والسيدة عائشة رضي الله عنهما هو أن النبي صلى الله عليهِ وسلم هو من احتوى عائشة أما خديجة هي من احتوت النبي، ولذلك لم تبدأ السيدة عائشة مع الرسول رسالة النبوة فهي جاءت في المدينة، لكن في مكة وبعزِ الأزمة كان يحتاج النبي صلى الله عليهِ وسلم الى الاحتواء؛ فتزوج السيدة خديجة رضي الله عنها. وأجمل نموذج عن الاحتواء الرباني؛ قصة السيدة مريم عليها السلام، لقد أرهقت في حياتها وعاشت بالوحدة والوحشة، والـدة مريم عليها السلام كانت كبيرة في العمر ولم تنجب، لذلك قالت (رَبِّ إِنِّى نَذَرْتُ لَكَ مَا فِى بَطْنِى) وبالنهايةِ أنجبت أنثى على كبر وبنهاية عمرها! وبعدها توفى والـد مريم عليها السلام فصارت يتيمة، وعندما وصلت والدتها لأرذل العمر صارت عاجزة عن تربية مريم عليها السلام فكفلها زوج أختها سيدنا زكريا، وبعد ذلك توفت والدتها فصارت وحيدة، ومن ثم بني إسرائيل قتلوا سيدنا زكريـا، ففقدت الذي كان يكفلها أيضاً، ولم تتزوج السيدة مريم عليها السلام، وخلفت عيسى بأمرٍ من الله، فاتهموها بعرضها! قالوا: (يَٰمَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيئًا فَرِيًّا يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) كلمات توجَّع قلبها من الناس، وسيدنا عيسى تآمروا على قتلهِ فرفعهُ الله الى السماء، ورجعت مريم وحيدة مرةً أخرى!! كانت تلك الاحداث تحدث وهيَ ما بين العشرينات والثلاثينات من عمرها، فكان الحل الجذري هو العبادة، اسم مريم في اللغة العبرية يعني العبادة! وأيضاً يقال عنها “مريم البتول” وسبب التسمية هو أنَّ هناك آية في سورة المُزمل (وتّبتَّل إليّهِ تَبتِيلا) تعني المُنقطع في العبادة؛ الذي يجلس ساعات طويلةٍ في العبادة، فمريمُ عليها السلام البتول العابدة المتفرغة للعبادة، مريم كانت كثيرة السُجود لذلك ذكر اسمها في القرآن 33 مرة، وعدد سجداتنا في الصلوات الخمس 33 مرة. (يا مَريَمُ اقنُطِي لِرَبِّكِ واسْجُدِي وارْكَعِي مَعَ الْرَاكِعِينْ)، فقاعدة اليوم “اعبدهُ ليحتويك برحمتهِ وحنانه فأنت بغير احتواء الله لك وحيداً ضعيفاً في هذهِ الدنيا، فهو إما يحتويك منهُ مباشرةً أو يرسل من عبادهِ من يحتويك”. فكن بتولاً وكوني مَريَميَّة.

الرسام وقطع اللحم

سارة ناصر العتيبي

 عاشَ رسامٌ عجوز في قريةٍ صغيرة، وكان يرسمُ لوحاتٍ في غاية الجمال ويبيعُها بسعرٍ مرتفع، وفي يومٍ من الأيام أتاهُ فقير وقال له: أنتَ تكسبُ مالاً كثيراً من بيعِ لوحاتك لماذا لا تُساعد فقراء القرية؟!، انظُر الى الجزار في قريتنا رغم أنهُ لا يملك مالاً كثيراً إلا أنهُ يوزعُ على الفقراء لحماً مجانياً كل يوم، لم يرد عليهِ الرسام بحرف واحِد، وإنما اكتفى بالابتِسام، خرجَ الفقيرُ منزعجاً من عند الرسام وأشاعَ في القريةِ أن الرسام ثري وبخيل، فنقم عليهِ أهل القرية، بعد مدة مرض الرسام العجوز، ولم يعرهُ أحد من القرية اهتِماماً، ومات وحيداً، مرت الأيام ولاحظ أهل القرية أنَ الجزار لم يعُد يوزع اللحم على الفُقراء وعندما سألوه عن السبب قال: كان الرسام يعطيني المال لأوزع اللحم على الفُقراء فلمَّا مات انقطع المال فانقطع اللحم!،

القصة مُقتبسة من كتاب حديثُ المساء الذي يطولُ المدحُ فيه للكاتِب القدير أدهم الشرقاوي، أوضح مدىٰ شِقاق سوء الظن على أفئدة البشرية، وكيفَ يمكن لسوءِ الظن ان يُحدِثَ جُلبةً في أرواح الناس، وكيف يُمكن لسوء الظن أن يُعرِبَ عن سَرِيَّة بني آدم بشفافيَّة، فالبدارُ البدارُ في حُسن الظن مع العبادِ وخالقِ العباد!، فأنتَ لا تعلم الغيبَ وبواطن الأمور وسرائر العالم، لا تفهمُ خفايا الأفعال وحكمةُ المواقف مهما حاولت، فلا تتعجل بالحُكمِ على جميع رداتِ الفعل المجهولة، ولا تحكم على أحدٍ قبل ان تعرفَ القصةَ بأكملها، بعضُ الأحيان يكون حُكمنا على الأمور مُتسرع وبهِ نظلمُ عزيزاً أو نرفعُ رخيصاً، وكما يقولون “لا تحكُم على الكِتاب من عنوانه”، ومن هُنا أختِمُ بالقول أن حُسنَ الظنِ بالناس مُقدَّم على سوءِ الظن بهم كما حدثَ مع الرسام العجوز!.