ينبت الإنسان حينما يذبل

نوره بابعير

يبقى الإنسان فارغًا حتى تأتيه لحظة الامتلاء ومن تلك اللحظة تحدث الرياح ما تفعله بطبيعتها فينقلب الإنسان رأسًا على عقب وكأنها النفضة الأولى ليدرك أنه حياً على هذه الأرض .

فطرة الإنسان إختلاق حياة تليق به ، ومن هذه الزاوية تنقسم الخيارات البشرية بقدر أولوياتها و غايتها . يعني كل إنسان يبني حياة تشبه وفي حياة تبنّي أشباهها عليه لكن يعود الإكمال فيها أو التوقف عنها له .

يبدأ وكأن لا شيء ينبت على أكتافه يفعل وكأن لا شيء يعيق أفكاره يتسابق مع الأوقات ويظن أنهُ متوازنًا لها مهما ارتفع أو أخفق ، غالبًا ما يفهم الإنسان إلا بعد الوقوع أو الغرق في أعماق الأشياء ثم تحدث الالتباسات داخلية إتجاه كل ما مر عليه تصبح البدايات نهاية لمفاهيم أقوى من قديمها في ذاكرة رأس .بل هناك متسع قائم فوق تلك البدايات لتأخذ العقلانية في مستويات الأحداث و المواقف البشرية و الحياتية تمامًا ، تترك في الإنسان تساوي الأتزان فيما وقع به وحل عنه . لكن رغم ذلك يرى أنه في صف المعرفة المطلقة نحو كل ما يقوده أو ما يقيده .

مشكلة الإنسان أنه متيقن في معرفته للأشياء وأحيانا اعترافه لهذا الشعور قد يضعه في جهلها ، الجهل يشبه النار حينما يقتحم العقل يحرق كل أفكاره المخزونة من خلال اجتهاده فتصبح العقول أبواب مشرعة . كل ما تحدثت عنه هي عوائق قد تفسد على الإنسان رؤية الأمور بالطريقة الملائمة معها ، وقد تأخره في استيعابه لكل ما يمنعه في تطوير حياته .

مستمر فيما يملك كل حواسه تخبره بآنه متماسك في وجه الحقائق التي تدفعه لتحسين أوضاع حياته ، لذلك دائمًا العتمة لن يفهمها الإنسان منذ بداية حدوثها به لن يستشعرها جيدة لن يتقيد به أو يسقط من داخله حتى تتشبع به حينها يحتاج إلى محاولة واحدة تنقذ انفاسه من ذلك الاختناق المتمكن منه .

هنا أستطيع أن أخبرك بأن التغيرات تأتي مع أول شعور بالاختناق يبدأ الداخل يخلق مؤشرات ذاتية ترفض الإكمال بها تتحول إلى تثاقلات غير قابلة للبقاء ، من تلك اللحظة تأتي صحوة الإنسان إتجاه علمه المستحق منه و الأهم من كل تلك التراكمات البدائية لتكوين مقدمة ذاتية عليها أن تصنع لنفسها ذات غنية بمفهومها القيم(النضوج)

يتغير الفكر و يتغير الأسلوب ويتغير المفهوم ككل يشعر بآنه خلق من جديد بالصورة المناسبة له . يبدأ يسترجع كل ما استذكره يدرك أن النقص الذي كان متغيبًا عنه هو الفهم من غاية أحداثه الدائمة عليه . أما الاهتزاز الذي يصيبه هو نجاة غير مباشرة لن يفهمه أحد حتى يتلقى من كأس مرارة الحياة .

كلما توقف الإنسان زادت معرفته إتجاه نبتته ، أصبح الألم ليس هزيمة أو ضعف يأكل داخله حتى ينسحب من إكمال سيرته الذاتية أو تغييرها للأفضلية المفترضة عليه بأن يفعلها كإنسان طبيعي بل هناك قوانين يستطيع الإنسان يعمل بها مجرد ما تزيد من خبرته الفكرية و الفعلية نحو امتحانات الحياة له ، حتى المفاهيم تتوسع بمطلق الفهم نفسه .

مجرد ما يلجأ الإنسان للمحاولات و التحولات هنا أجاد الميزان المحكم في إختلاق صحوة جديدة في نجاته ، الدوافع ايضآ تأتينا مع التحولات .

حينما يضع الإنسان الألم محرك دائم في اندفاعه للأمام أو نقطة توقف إلى تأمّلات فيما صدر منه دون انتباه ، أو محاولة في نفس الأمر لكن بأساليب مختلفة ، كل هذه الأفعال قادرة أن تصنع نبات الإنسان في كل مرة يتعرض إلى ذبول مفاجئ يفسد عليه الاستمرار في حياة جيدة .

بعد ما يمضي على الإنسان ما مضى منه من العوائق و التجارب يصبح النضوج يأخذ دوره من زواياه فيظل الإنسان خفيًا بما يفعله النضج منه ، وقيمًا بما يدرك من ذلك الوقوع .

” لذلك ينبت الإنسان حينما يذبل ،كلما تعرض إلى الاساءة كلما زادت الحياة في أحياء نباته تجاهها “

ما تقوله أوراق الشجر – إدوين هونيغ

نوره بابعير

ما تقوله أوراق الشجر – إدوين هونيغ
هو مترجم و شاعر و كاتب أمريكي .

بماذا يُقارب الشاعرُ العالم ؟
بفكرة
ما هي الفكرة ؟
شيء أفكر فيه
شيء أسمعه
شيء أجعل الآخرين يشعرون به
فُتات إلهام
تعبير عن زمن
إن عرفت الصوت ، ستعرف الكلمات
وإن عرفت الكلمات ، ستعرف ما يُمكنك أن تلعب به
افهمها على هذا النحو
ما تفعله ( التصوير ) شبيه بكتابة قصيدة
إذ إنك تغيّر ما يفكر الناس فيه
إلى شيء تريدهم أن يفكروا فيه
بما إنك تجلس على هذا الكرسي لفترات طويلة فلابد أن هذا المشهد يعني لك الكثير أوه- نعم
التعرف على هذه الأشجار تعني لي الشيء الكثير بداية ترى .. ماذا تسمي هذه الأشياء على الشجر؟
أوراق الشجر
هي ثابتة وقارة
وفِي هذا الثبات ، حركة
لوحة فنية متحركة
تبدو أوراق الشجر متشابهة من الوهلة الأولى
لكن إن أمعنت النظر فيها ، ستراها مختلفة .
إذ إنها تتغير
على الرغم من عدم رغبتك في ذلك ، فلهذه الأوراق ضربٌ من المعنى ينبغي عليك أن تؤمن به ألا وهو : تغيّر أوراق الشجر
لهو شيء يعسر علينا فهمه
أحاول فهم الشجر بوصفها مجازًا
تحاول ماذا؟
وكيف ستفعل ذلك ؟
أرى أحياناً أن كل ورقة جرة عبّارة عن ذاكرة
أعتقد بأنني أرى شيئاً من الماضي في أوراق الشجر
ذاكرة الماضي ..
في أوراق الشجر

ترجمة : رزم

لماذا يعيش الفشل حينما يموت !

نوره بابعير

لماذا يعيش الفشل حينما يموت !
يستطيع الإنسان أن ينجح و يفشل في إحدى المرات فهو يعلم أنه قابل لذلك الأمرين ولديه الأقرار بهما لكن الوقوع بينهما يصنع للإنسان طريقين أما وقاية و أما خراب .

دائمًا يفعل الإنسان حسب ما يدرك حتى وأن كان لا يدرك طغيان الظن الملم بالمعرفة يجعلهُ متوازنا في سيرهُ لكن الوقوع الذي يسلب منه كل هذا العرفان أنهُ يجرده ، يفقد الإيضاح حتى من الإفراغ الذي يسد حاجتهُ من تصديق أمرهُ

هنا تتغير المعرفة إطلاقًا التراجع الذي يصيبهُ في تلك اللحظة تحديدًا تجعلهُ غير قادرًا على استجماع ذاتهُ مجدًدا ليهيء لنفسه النجاح الملاءم به .

تبدأ بوادر الصراعات الداخلية تظهر عليه من خلال تخبطه الفكري و الفعلي في آن واحد وكأنها أحدثت له شبه صدمة نثرت فتاتها عليه لا يعرف ماذا حل به .

المشكلة التي تحدث في هذه الحالة أن الإنسان حينما يسقط كليًا يفقد جزءً من فكرهُ فيما أوقعه يصبح ميولهُ أكثر بما يشعرهُ وكل ما يتعرض للشعور هو أنقطاع بين الشعور و الأخر فالانقطاع الذي يفقد للإنسان وجوده لم يكن عن قصد لكن عدم استيعاب العقل هو من يرد كل مرفوض .

غالبًا الإنسان يرفض الفشل حتى وأن كأن الاعتراف خفيًا بينه وبين ذاته إلا كبريائه يجعله متماسكًا في تلك النقطة رغم أنها ضعيفة جداً لا تحتمل الحجج ليصدقها إلا أنه يعود لها إرضاء لذاته ، الغرابة أن الكذابة إذا كانت تستطيع أن تلغي وجود الفشل العالق بالإنسان فهو يستطيع أن يراها مصدر صدق يستمد منه قواه .

أما البعض الأخر يعلم جيدًا أن الفشل قد وقع لا مهرب منه وأن الخطيئة إذا لم تعرف سوف تلازمه مرارًا و لن ينجؤ من عواقبها ، هؤلاء الأشخاص يقدرون الفشل بمقدار النجاح يعلموا أن الفشل حينما يقع يُجلب بعدهُ النجاح المرغوب .
” الفشل ميزان النجاح ”

أصبح للفشل طريقين يُفسر لوقوعه القصد من خيار شخصه ، أحيانًا يبين إثر الخطيئة للإنسان في مفهومه لدى الشيء فالتراجع الذي يتوجب عليه فعله هو إعادة تهيئة النفس في خيار أخر ينقذها من وقوعها في مالا يتناسب معها .

هنا يصبح الفشل إيجابيات تمنع السلبيات من إستمرارها معه ، ترسم له تنبؤاتها الناتجة عن تجربتها .

دائمًا يحدث حراك قيم بعد كل فشل وكأنها محاولة إحياء الأشياء وترميم الرغبات في إكمالها بعدة طرق أخرى تصنع الفرص من سلكها . هذا ما يجعل للإنسان دوافع إيجابية قبل أن يستشعر بها ظن أنها دفنت مع سقوطها الأول تجاه الفشل .

لماذا يعيش الفشل حينما يموت ؟
كنت أتساءل دائمًا في اللحظة التي تجتاح الإنسان قد تعطيه حق الموت ببطئها حتى يصدق ذلك البرود الذي يحيط شعورهُ وذاكرتهُ ، التوقف الذي يأتي من بعدها يمثل الشتات الفكري و القابلية في ذلك الشتات تضعف لن تجد لها مأوى يحثها على جدوها من قدرة الفشل عليه .

ثم وجدت تغير الأفعال من بعدها! يأتيك اليقين في إيجابيات خلقت من ضلع الفشل وتراكماته المقيدة به
تكتشف هنا أنك مت حينما ظننت ذلك وأن نهاية الأمور لا رجوع لها وأن التجربة الأولى كافية فأن لا تعطِ فرص أخرى .

لن تفهم ذلك السؤال ؛ أن لم تفهم الترابط الذي يصيبك بين أن تفشل لتنجح و بين موت الفشل في لحظته حينما يخرس كل ما فيك لتفكر كيف تكمل من بعده وبين النجاح الذي يكشف لك السر في الأجابة ” يخبرك أن فشلك السابق هو عايش معك لذلك قد نجحت دون أن تجدوا بذلك السر “

(ولا تنسـوا الفضـلَ بينكـم)

الجازي مطر الشمري

(ولا تنسـوا الفضـلَ بينكـم)

إن الذي خلق هذا الكون وأبدعه، وقسم الأرزاق، وكتب الآجال، وكتب على هذا الحياة أنها ليست باقية، وخلق الإنسان وهداه النجدين، وأقام الحجة والبراهين، وكتب على جبين كل إنسان قبل أن يخرج لهذه الحياة رزقه وأجله وعمله وسعـادته وشقـاه،
وكتـب وقدر أيضا من ضمن رزقه (الزواج) وجعله آيةً للعالمين، وجعل المودة والرحمة تسكن تلك العلاقة وشرع أيضا برحمته (الطـلاق) ..

فما هذه الحملة الشنيعة على المطلق على صعيد الرجل أو المرأة، ماهذا الانكسار الذي تخلفونه بالأخص على قلـب المرأة، ما هذا التشنيع والتشويه لصورة المطلقين، ما هذه القسوة أيها المطلقون على بعضكم هل نسيتم قول الله عز وجل (ولا تنسوا الفضل بينكم..) الآية
هل نسيتم؟
(فإمساكٌ بمعروف أو تسريحٌ بإحسان….)

يؤسفني أن أقول فالأزواج حاليا إلا -من رحم الله- لا أمساكٌ بمعروف ولا تسريحٌ بإحسان وليس هناك مودة ولا رحمة، تجد الدعاء على الزوج يلاحقه ليل نهار، والتشنيع والتشهير لا يكـف عن لسان الزوج على الزوجة!

متناسين العشرة، ناهيك على أنه ربما يكون هناك أبناء،

فأي حيـاةٍ هذه وأين أنتم سائرون؟

ولـن أخبركم عن المأساة التي تتعرض لها المطلقة وكمية الحزن في صوتها، والتوجع في حروفها كل هذا بسبب مجتمعهـا ونظرتهم لهـا، حاملين على أكتافها فشل تلك العـلاقة!

ظننت أن هذه النظرات والنعرات في المجتمع الجاهلي فقط!
فإذا هو يحل في مجتمعاتنا العربية الإسلامية!
حقا شيء يحزن القلب ويندى له الجبين.

ولا أدري هل العالم تناسوا
العلاقات التي تظهر في المجتمعات؟
(والسنقل مام) وجعلوا دأبهم الدؤوب في الزواج والطلاق الذي شـرعه الله؟

يـا سادة كما أن الموت مقدر ومكتوب، فالزواج والطلاق كذلك فمالكم (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض)

فاتقوا الله وأحسنوا لبعضكم وارضوا بما قسم الله لكم وكونوا أصحاب أخلاق في البقاء والرحيل، ولا تجعلوا للشيطان عليكم سبيلا، وكفوا اللسان فالأيام دول والبـلاء موكل بالمنطق.

لذائذ العقل ومفارق الفهم

نوره بابعير

لذائذ العقل و مفارق الفهم

أن العقول تأخذ مجاريها من المواقف التي تحدث أمامها حينها يظل الإنسان رهين الفكر في زواياها .
أحيانًا تجد أن الأفكار تحدد مفارقات العقول بين البشر و أخرى هي من تحدد مستوى أفكارهم .

لأن هناك نقطة لابد أن يفهمها كل إنسان أن السلوكيات و المؤشرات التي تصدر من داخله هي نتيجة دمج الفكر مع محاولة الفهم لقدرات عقلية ألقت وضوحها عليه حتى أدرك الإنسان عن مدى حضوره من حضور عقلهُ .

لو تحدثنا مع طفل سوف نجد أن مستوى الأشياء التي تحيط به تحدد بناء عقله حينها لا إراديًا انت تظل بمستوى عقليته وكأنك تتنازل عن بعض أجزاء عقلك لتستطيع أن تفهم وهذا يجعلك تنتبه أكثر في مسائلات العقلية و القدرة في مفهوم الحاجات المحاطة بك .

لماذا لم يتحدث الشخص مع الطفل بمستوى العقل المستقيم به ؟ هذا يعني أن لكل عمر عقلية خاصة به تنتج من نتاج دوافعها المدركه في تكوينه .

لو تحدثنا مع شخص ناضج تلقائيًا تجذب العقلية نضوج الآخر ، لأن العقول تستمر بالمستويات اللفظية ، تبقى المساحة بينهما محاولة استرسال لذلك لكل منهما استرسال يرغب في تجاوب الآخر معه وهذا أيضا يعود على بيئتهما .
“كلما كانت مختلفة إختلفت العقول في حد نضوجها و ضعفها ”

دائمًا مفهوم العقول لدى الآخرين معقد جداً ليس لأنها لا تتوافق مع بعضها البعض في آن ولا يمكن لها أن تكبر إذا لم يوجد الإختلاف لأنها أعمق وتحتاج إلى ذهن واعي .

لكن هناك أسباب و دوافع يتشكل عليها الإنسان مجرد ما يكتمل بها تبدأ بوادر العقلانية عليه .

في النهاية هناك تأمّلات و محاولات و إصغاء و تفاسير وتحاليل وأجماع كل ما يخرج من تلك الأفعال فهي تبين مدى فكرية الإنسان لها .

خلينا نقول أن الصورة مجهود فكري يشير للعقل
وأن الكلام مجهود لفظي يربط علاقة الصوت بالعقل حتى يتمكن من تشغيل مفهومه.
وأن السكوت مجموعة أفكار تنتج عن بحث معرفتها فيبقى العقل أولًا ثم المعرفة ثانية وإذ اهتز شيئًا منهما فلا فائدة من ذلك السكوت .

وأن التحليل ترتيب الأشياء حتى تصبح لها ملامح واضحة تهدي للعقل حقه منها .
وأن التشريح فصل الأشياء من بعضها ثم أعادة هيئتها بالطريقة التي تلائمة مع العقل نفسه .

مالا يعرفه الإنسان أن التركيز وحده هو من يشغل حيز العقل فيما يواجهه في الحياة أو في يومياته ، في حال تركيزه يصبح الإدراك عاليًا عنده متنبهًا لما يحدث معه .

المثلية جنون العصر

رحاب إبراهيم عجم

كما قرأت العنوان سابقاً أيها القارئ.. نعم، المثلية أصبحت جنون العصر وموضة الحرية الزائفة. وأرى الآن الكم الهائل من المنتقدين، سيقول لي البعض “التعبير عن المشاعر وحق الميول الجنسية حق على كل إنسان والخروج باسم هذا الحق حرية بحد ذاتها”
لكن هل هذا حقاً حرية أم افتعال ناتج عن سنوات من الاختباء وتم استغلاله بأبشع الصور من الجهات التي وبلا شك لها أهداف من انتشار الشذوذ.
جهات لها أهداف من انتشار الشذوذ؟ ما هذه الخرافة وأجواء المؤامرات التي تعيشين فيها؟!!، سيقول البعض هذا أيضاً، ولكن لنكتشف أولاً إذا كانت المثلية الجنسية والإعتراف بها حقاً حرية أم لا.
لكل أولئك المثقفون الذين يعترفون بالمثلية والشذوذ وكل الذين يدفعون المثليين من الرجال والنساء بالاستمرار في المسلسل الدرامي المثلية حق وأمر طبيعي يجب الإعتراف به ” هل يدركون كم الأمراض المناعية التي تنتج عن المثلية الجنسية، أمراض نقص المناعة وأمراض الزهري والإيدز الذي هو بحد ذاته مرض مهلك صحياً ومعنوياً واجتماعياً، مميت لم يجد له الطب حتى الآن علاجٍ شافٍ له، ولن يجد المريض به تضامناً اجتماعياً حوله، فالكل سيصبح خائف من الاقتراب، الإيدز مرض مناعي ينتقل بالدم والجنس واللعاب، هل ترون كم الخائفين من الاقتراب منه حين يأكل أو حين يمد يده ملقياً التحية أو حتى كم الأطباء الذين سيرفضون إجراء عمليات جراحية له مستقبلاً، هل تعلمون أن المثليين معرضون لأمراض السرطان بنسبة ٨٠٪ عن غيرهم” لا تدركون بذلك، حتى المثليين أنفسهم قد لا يهتمون حالياً بتلك الحقيقة، هل تعلمون لماذا؟!، لأنهم مستغلون عاطفياً كما قلت سابقاً، هم يُسحبون فقط نحو الهاوية مُغمضين العين… الاعتراف بالجنسية كحق كالاعتراف بأن شرب المخدرات حق وحرية.

أيها القارئ هل تعتقد حقاً أن المثلية الجنسية أمر طبيعي يجب الإعتراف به كجنس ثالث، إذن كيف تقنعني أن رجلان يستطيعان إنجاب طفل كأمر طبيعي لإستمرار الحياة، بالطبع ليس طبيعياً، الطبيعي فقط أن ينجب رجل وإمرأة ( ذكر وأنثى). إذن ما هي مسببات المثلية والشذوذ؟
المسبب الأول: العوامل النفسية: قد يتعرض البعض للاستغلال الجنسي صغيراً فيصبح له هذا عقدة تظهر على شكل المثلية الجنسية، هل تعلمون كم عدد الأطفال التي يُساء لها جنسياً من رجل أو إمرأة، هل تشعورن بتلك المشاعر السيئة المختزلة بذاك الطفل أو الطفلة التي تجعلهم غير سويين نفسياً يتأرجحون بين نور وظلام، الفطرة البريئة للأطفال تتعارض مع هذا السوء ولا تتخذه باستحسان أبداً وقد تتخذ نفسه رفض لذاته ونوعه، وبالتالي تكون جريمة… لكن إذا كان رجل تعرض لفتى صغير والإساءة له جنسياً ولم تكن إمرأة التي اساءت، ما الذي جعل هذا الرجل شاذ ومثلي الجنس… هذا سيكون المسبب الثاني: الإباحية وإباحتها في كل الوسائل الإعلامية، للأسف أصبح التلفاز مصدر للإباحية وإنتشارها ثم أصبحت تساعدها المواقع الإباحية على الشبكة العنكبوتية، في كل مكان الآن أصبح الوصول إليها سهلاً جداً ومن أي شخص وبالتالي سيظهر عنها نتائج؛ ككثرة جرائم الإغتصاب والتحرش والإعتداءات وهذا نتاج طبيعي لإنسان يُحفز ويثار طوال الوقت لتصبح بعدها غريزة الشهوة الحاكمة لا عقله وبالتالي يرتكب الجرائم كحيوان لا تحركه إلا الغريزة، لا كإنسان يحركه عقله وقلبه، كثرة إدمان الإنسان للجنس يجعله يتطلع إلى مستويات أخرى من التفكير بالجنس ستصبح شراهته أوسع وبالتالي ستأخذه أفكاره لأكثر الأفكار غرابه وظلمه وسواد أن يفكر الرجل بالرجل والأنثى بالأنثى، الجنس إدمان كإدمان المخدرات والكحوليات تماماً ولها مراكز إعادة تأهيل كالآخيرتين، لذلك يأتي دور الدين ليضع الحدود التي تجعل الإنسان متوازن، ليجعله إنسان لا حيوان.
تلكما السببان من أحد المسببات للمثلية الجنسية والشذوذ، وليس هناك أي عوامل وراثية للشذوذ الجنسي، ليس هناك جين مسئول عن هذا، أما عن تلك الأقوال بأن المثلية لها عوامل وراثية فهو اختلاق لنظرية ابتدعها رجل مثلي يدعى “هامر”.
هل هناك أهداف لانتشار المثلية والشذوذ حقاً، أم هذا بسبب ارتياب المؤامرة؟!، وهل الماسونية الصهيونية هي التي تسعى لتلك الأهداف؟!
إجابة هذا السؤال ستكون عند الدكتور مصطفى محمود، فاقرأوا وابحثوا يا أمة محمد، أنتم أمة إقرأ
وفي ختامي أتمنى من كل قلبي أن يأخذ المثليين خطوة نحو الشفاء لا الهلاك، أن يتمسك الإنسان بدينه فالتمسك بالدين نجاة، والحفاظ على الأخلاق، والتربية السليمة سبل لإنقاذ حيوات.
ولنضع في الحسبان أن الدين الإسلامي لم يحرم أمراً إلا لسبب صحي وحكمة آلهية
آمراً آخر حُرم الشذوذ والمثلية وذُكر أهل لوط وعقابهم في الإنجيل والتوراة كما ظهر في القرآن.

بقلم: رحاب إبراهيم عجم

الحوار ثروة الإنسان

نوره بابعير

الحوار ثروة الإنسان

لم يخيل للإنسان أن يظل مكتفيًا بصوت و رأي و فكر واحد يحجب عنه بقيت الأصوات ، لأن الإضافات التي تحدث للتطور تأتيك نتيجة إختلاف يخالفك من الداخل حتّى يترك فيك الأثر الجديد ثم تخالطك به يعلمك المعنى في تفاصيل زاوية متقنة في بقائها لك .

صناعة الحوار من أهم الأشياء الملحة لتحضر الإنسان نحوها ، يستطيع أن يتمكن من حجم القبول فيها وقابلية أختلاق التفكير لكل ما يجلب للفكر نضجه . يختلف البعض في معنى الحوار و الخصام دائمًا تهزم العقول عند انفعالاتها ، تفقد موقعها العقلي للاستيعاب الفكري نحو حديثها أو الغاية من خروجها لذلك الحوار .

المغالطات التي تحدث جعلت للإنسان أن يصاب بمداخلات عديدة ألغت وجود نفسه من رؤيته لهذه البداية التي وضعته في صراعات لفظية لم ينوي بها الوصول إلى هذا الحد .

كما أن السلوكيات تمايلت إلى تشريح الأفعال والأفكار والأعمال والأنجاز على مبدأ الرأي أو النقد المتوازن في خلاصة الفكر نحوها ، هنا تشوهت الحوارات بين أختيار أشخاصها، لن يتقن الأشخاص الحوار بقدر ما يتقنوا العديد من الأشياء التي تخرّج عن نطاق بدايتهم من الحوار .

” لا أدري متى يتفهم البعض أن ثروة الحوار؛ في تنوير العقل و تطوير الذات في كل ما تقدم عليه تجاه إنجازاتها و انسجامها مع الحياة ”

للحوار ميزة ، يميز نفسه في مفارقات الجدال و الخصام و الفرض في الآراء و الغلبة لمن تكون أولًا.
الحوارات المتوازنة تقبّل الهدوء والتهاون فيما يعود إليها من حديث يتلاءم مع فكر الإنسان لها ، تحب أن تخرج من تبادلها ثروة محصولها الناتج عن وعي الإنسان لها ، مشكلة البعض أن لا يرغب بالعلم العائد له من غيره بقدر ما يحاول أن يكون هو المعلّم الدائم في نُشر الحكم و التوبيخ والوصايا للآخرين وهذه مشكلة أخرى لا يمكن أن تحل إذا الإنسان نفسه لم يشعر بها ولن يتفهم معنى الحلول الجيدة إلا في حال تركه لفعلها وتهيئة الذات لأثر الحوار وأبراز قيمته به .

عن المرأة وتأنيث العالَم

عمر الخالدي

تدخل المرأة في لاوعيها عالماً كريستالياً كل ليلة وتحلم أنها الحرية، تفتح عينيها في الحلم وترى ما لا يراه الرجال لا في يقظتهم ولا في منامهم، بطريقة أكثر فلسفة يمكننا أن نقول إن المرأة كائن أمثل والرجل كائن بشري وكلما قويت الروابط بين الرجل والمرأة اتضح للرجل ذلك الكهف البعيد الذي نسجه أفلاطون وتخيَّله على نحو خاطئ مقدار بعده عن المرأة وكينونتها المُثلى.
هكذا وبهذه الطريقة يمكنني الادعاء أن ساراماغو – الروائي البرتغالي والحائز على جائزة نوبل للأدب – فكر وهكذا تحدث حين رسم صورة مختلفة للمرأة في رواية العمى حيث يصيب العمى المفاجئ جميع الناس بلا استثناء سوى امرأة واحدة، وهي الرائية، وهي المُخلِّصة، وهي الرسولة، ورغم أنها تعرضت للاغتصاب إلا أنها تسمو وتتعلى على كل شيء وتقتل الشيطان بيديها العاريتين وتقود بقية العالم للضوء وكما نعلم “مباركٌ هو الضوء” وليست مصادفة أنها كانت نصف عارية خصوصاً عند حصولها على الطعام لتنقذ آخر الجنس البشري من الهلاك، وليست مصادفة أن المطر انهمر على عُريها ولمع على صدرها فور حملها لأكياس الطعام رغم كل توهانها ورغم أننا لا نعرف عنها شيئاً سوى أنها “زوجة الطبيب” وذلك على سبيل التهكم من الكبير ساراماغو على ما يبدو، وليست مصادفة أنها فور وصولها لزوجها – هي التي – طلبت منه جاكيته لتغطي نصف جسدها رغم أن الجميع عميان ولا يستطيعون رؤيتها. هي لا غيرها.
هكذا فكر ساراماغو في روايته التي رسم أحداثها في عالم لا يتوقف فيه الموتى عن الموت ومن قبله سميي عُمر “ابن الفارض” الشاعر الصوفي العذب الذي جعل قلبه يقف على أطراف أصابعه وهو يصرخ في عوالم الأنثى البعيدة : “هي التي علَّمتني كيف أعشقها” – بصوت لطفي بوشناق بالتأكيد – وإذا كان لي أن أدَّعي مرة أخرى فسأقول إن ابن الفارض لم يستحق لقب سلطان العاشقين إلا بسبب هذا البيت الشعري والذي احتوى على هذا الشطر إذ جعل الأنثى عالماً مختلفاً تماماً بأبعاده وترك نفسه الطفلة تتعلَّم من الأنثى إلى ما لا نهاية.
الجميل في كل ما سبق أن الأنثى المذكورة مجرد قيمة مثلى وليست أنثى بعينها تمشي على قدمين، لذا نجد ديلاكروا الرسام الفرنسي يضع المرأة في أوج أشكال الحرية – الثورة – وهي نصف عارية أيضاً وذلك في لوحته الشهيرة “الحرية تقود الشعب” وبعيداً عن عشتار وأساطيرها التي عفا عليها الرجل فإن تمثال الحرية الموجود في أمريكا مرتبط أيضاً بالمرأة وتقول الإشاعة إنه مستوحى من لوحة ديلاكروا الآنفة الذكر، وعلى كل حال فإن المرأة / الحرية ليست جسداً ولا كلمة، بل هي حياة كاملة تقف وتمشي على قدمين وتتربَّع وتستلقي على ظهرها وتتقلب على جنبيها وحين تفتح المرأة عينيها تبدأ حضارة الإنسان بالنشوء، ويبدأ الضوء.
كان أحد الأصدقاء يكرر على مسمعي : “العلاقة بين الرجل والمرأة يجب ألا تكون باردة على طريقة الرومانسيين، يجب أن يتجاوز الإنسان المثقف نفسه التي تفكر بالأنثى على طريقة : هل تسمحين لي بهذه الرقصة؟ ويدخل للأنثى/الحرية/الحياة بيديه وقدميه” ومن هنا يمكنني القول إن لحضور الأنثى الواحدة في هذا الزمن الذي لا يجيء عالماً كريستالياً مختلفاً وناضجاً بشكل لاذع، وسأدَّعي للمرة الثالثة أن ذلك يتجلى بشكله اللاذع والمختلف بالصراخ، وأعني صراخ الأنثى الأنثوي والأمثل وليس صراخ الصوت البشري، صراخ جمالها الواحد وعوالمها التي لا تبدأ ولا تنتهي وحياتها الكاملة. قريباً سأكتب بشكل مختلف عن الصراخ وكيف أنه علامة أنثوية فائقة الأنوثة.

 

غير فكرك هو ( جرأة الفكر حينما ينطق )

نوره بابعير

غير فكرك هو ( جرأة الفكر حينما ينطق )
بعض الكتب محاولة تغيير بطريقة هادئة تلامس الداخل رغم عنها ، تبين إبداع الكاتب في أختيار أسلوب يتلاءم مع القارئ ، و يترك أثر فيه يجعله يعيد ترتيب أولويته من البداية .
أهتم الكاتب رود جودكينز في مبدأ غير فكرك أن يضع لنا ٥٧ عادة مهمة لدى المبدعين في العالم لفت إنتباهي في الكتاب ( غير فكرك ) أنه لم يُكتب عن الصفر في مراحل التغيير ، وكأنه يقول للقارئ أنك متغير بالفطرة و لكن ما سلطة الضوء عليه هو وسائل مساعدة في تحرك الداخل لها للوصول إلى الإبداع المفرط إليك .
تنوع في ذكر المبدعين حتى يُبين أن كل شيء يقدم عليه الإنسان هو معرض لتغير و للإبداع ، التفكير هو من يزيد للأشياء تفاصيلها أو يناقضها حتى يقتل وجودها به .

في النص تأملات توعوية بحته ..
مختاراته للمواضيع قوية تستطيع أن تقترب من داخل القارئ لها ، أن يفكّر فيما تحرض به و الغاية من افتعالها ، قال ( أنت ما تؤمن به عن نفسك ) كان محق فيما يقول ، الإنجاز هو قرار من النفس في استمراها للنهاية المؤدي للإنجاز المطلوب و الإبداع بينهما هو تمييز الفكر في تنفيذها .
كان يُكتب كتوصية للقارئ أن لم تفهم ما تقرأه لن تخرج من ذلك الكتاب أو العادات بشيئاً يهيء لك فائدتها . لأن مختاراته عميقة في تفكيرلا يقبل السطحية فيه .

الثقة مقابل التغيير ..
كان يتعمد في إختلاق الثقة مع كل موضوع يتطرق فيه لأنها من الأشياء الأساسية في تفعيل التغيّر و الفكر في آن واحد .
يُصنَع الإنسان ثقته بنفسه كلما إجاد حرفتها ، فكيف تكون صنيعته وهو مغاير لفكره كلّما إنتهى من إنجاز يخوض إلى فكّر مغاير حتى يتميز في جميع أفعاله و مهامه تجاه متطلباته الحياتية و البشرية .
كان رود جودكينز يدخل القارئ في النص ثم يترك الخيار الأخير له ، ينثر الكلمات في صفحاته وهو يعلم أن القرار يعود إليك .

نص يبحث عن نهوضه ..
كان يعرف الكاتب أن الجدلية في القراءة تفتح للقارئ مدارك أخرى فلذلك كان يلامس الأشياء المثقلة يدرك من بقاء أثرها عليه .
تحدث عن ( توقّف عن كونك منطقيًا ) كان ملفت الحديث عن المنطقية بينما القرّاء دائما يخرجون من القراءات بمنطقية قولها ، أضاف في كتابة رؤيته للمنطقية المرهقة للأشخاص المتمسكين بها دون أن يفرقوا أثرها العائد عليهم . تمكّن من إظهار خلفية رؤيته لها وأن الإفراط في جميع المواصفات قد يضر بقدر ما يُعتقد البعض إنها مفيدة .
كلما يتجرد الإنسان من نفسه هو لا يحسّن التصرف و التدبير فيما يفعل أو يقوى عليه .
المنتصف المشبع بالفكر ..
تحدث عن التنافس بطريقة أنيقة تجمل لك التفكير فيما يقصده ، إقناعه لذلك يجعلني أقول أستطاع الكاتب أن يخترق الأفكار كلها و تعدى العادية بينهما ليرفع قارئه إلى الإبداعية الملائمة له .
قال الكاتب رود جود كينز (لا تنافس .. أبداع ) كلمتين لكنّها قوية في التفكير و الأخذ بجدية قولها و معناها المحمل في تنفيذها على واقعية أرض الإنسان .
تطرق في التنافس و الإبداع ، لأن الإختيار بينهما صعب و بالوقت نفسه هزيمة لأخريات ، البعض يختار التنافس ثم يفقد الإبداع تصبح بصيرته مراقبة للآخرين و عمياء تجاه ذاتها ، أما الإبداع يدخل الإنسان في عوالمه يجعله ينسى الخارج ومنافسات الآخرين له .
المنافسة حينما تكون بين الذات و الذات تستطيع أن تغيّر معناها له قد تفيد فاعلها ، لكن حينما تتشبث في الآخرين تشبه النار تأكل شخصها ولا تسمح له بتقديم إنجاز متكامل ينسب إليه .

الصورة المتكاملة ..
الكتاب سهل فيما يتحدث لكنه عميق فيما يقصد يعتمد التفعيل المبدع للقارئ ، و الاجتهاد المكتوب من قبل الكاتب كان وسيلة تبحث عن غاية التغيير في جميع المهن القابلة لخوض الإنسان لها ، والأجمل من ذلك أن الكتاب يجرد الأعذار لدى الكسلاء الذين يتحججون فيما يفشلون به أو يرهقون به أو يرون التميز لا يليق بهم .
أختصر البداية في النهاية حينما قال أنهم أشخاص عاديون ، لكنهم أصبحوا استثنئيين .

أجعلها تحدث ..
كان يُعلم القارئ الوصول إلى معنى الدراية فيما يعمل وفيما ينجز من قبل إجتهادك و تحقيقك للأهداف و المقاومات التي تغيرك للأفضلية في كل إنجاز لا يرضى بالإنجاز فقط ، بل بالوصول إلى المبتكر ، حينما وضع العادات بين يد القارئ كان يدري التغيير الذي يصدر منها قد لايُحدث كما أرد الكاتب إيصاله ربما يتفوق الإبداع بحجم مفهوم القارئ و أستخدامها بطريقة تجعل جميع الأشياء متوقفة في صالحة ويصبح هو الغاية المرضية لها .

كتاب : غير فكرك
الكاتب : رود جودكينز
ترجمة : أمين عليا

مراجعة كتاب قلق السعي إلى المكانة

ندى الأشرم

في عالم كل شيء به قابل للتعديل وقابل للتغيير المفاجئ والغريب تختلف به المعايير القديمة ويأتي بجديدة تلبث قليلًا ثم تختفي هي الأخرى لتفسح المجال لمعايير أجد وهكذا يتكرر المشهد فيه، لا شيء يثبت بهذا الزمان، غير النفس البشرية في حاجاتها ورغباتها هي هي على مر الزمان لا تتغير، في كتابه الذي بين أيدينا يُسلط آلان دُو بوتون- الكاتب والفيلسوف البريطاني- الضوء على ما يمكن القول عنه واحد من الثوابت الموجودة في النفس البشرية وهو من المشكلات التي يتفاوت تأثيرها علينا ألا وهو (قلق السعي إلى المكانة).

فهل نحن فعلًا نعيش هذا القلق؟

وماهي الأسباب التي تجعلنا نقع في شباكه؟

وهل من حلول؟.

يجيبنا الكاتب على تساؤلاتنا تلك واضعا في الجزء الأول من الكتاب أسباب هذا القلق مختصرًا إياها بالتالي:

افتقاد الحب، الغطرسة، التطلّع، الكفاءة، والاعتماد.

فيكون فقر الحب فينا من وجهة نظر بوتون أول محرك لهذا السعي، فالرغبة بأن نكون محط إهتمام أحدٍ ما، أن يُلتفت لنا في هذا الزحام، أن نكون علامة فارقة بحياة أحد، هي أول ما يدفعنا نحو ما قد لا نرغبه، ثم تأتي الغطرسة وهذا الفصل المجتمعي الذي يُصنف به المرء حسب اسمه ولقبه ورصيده المالي والويل كل الويل لمن لا يملك منها شيء، ويعود بنا بوتون لذواتنا وإلى تطلعنا المرهق لما هو أفضل أو -نظنه أفضل -هذا الشعور المرير الذي يسكن الصدر أحيانًا ولا ينفك عنه حتى يحولنا إلى حاسدين، فوفق معيار الكفاءة الذي بالعادة نضعه نحن بأنفسنا ونُقيّم من خلال المحيطين بنا ونخلق منه حلبة للمصارعة لا يهدأ بها الصراع أبدًا والتي تعتمد على ما نملكه من مواهب وحظ وعلاقات عمل وكأننا في حالة تساؤل دائمة لماذا لم أحقق ما حققه زميلي؟ لماذا لست أنا؟.

أما عن الحلول فقد ذكرها بوتون في الجزء الثاني من الكتاب وعن امتدادها في كلًا من الفلسفة والفن والسياسة والدين وجاء بآخر فصل هنا بالحديث عن البوهيمية حيث من الممكن أن يدفع فقد المكانة بالبعض نحو الاعتزال ونحن خلق مجتمعاتهم الخاصة المنغلقة، ووفق هذه التصنيفات يرى بوتون أن من الممكن للفن -وخاصة الأدب الروائي- معالجة النفاق المجتمعي فيُعرِّف بوتون الرواية: كوسيطٍ فني يساعدنا في فهم وتقدير كل هؤلاء الذين عاشوا حياةً خفية في الظل ثم استراحوا في قبورٍ لا يزورها أحد”.

أما على صعيد السياسة ومرورًا بالإلمحات التاريخية الإجتماعية التي استعرضها بوتون والتي يمكن اختصارها بما ذكره فيقول “بصرف النظر عن مقدار ما نشعر به من سُخطٍ أو حيرة إزاء نظام التراتب الاجتماعي، فإننا ننزع إلى مجاراته بافتراض مسلم به أن هذا النظام عميق الجذور ولا بد أنه راسخ الأساس بحيث يستحيل نقده أو التشكيكات فيه.

بعبارة أخرى، تم توجيهنا للاعتقاد بأن المجتمعات والمبادئ الداعمة لها غير قابلة للتغيير من الناحية العملية، بل ربما تكون بطريقةٍ ما فطرية شأن مظاهر الطبيعة.”

ويرى بوتون تأثير أن الدين وخاصة في فكرة الموت ومغزى الحياة فتبدو يجعل كل الأفكار الدافعة نحو السعي إلى المكانة بلا قيمة أو شأن في مقابل فكرة الموت.

ورغم كل ما عددّه بوتون تبقى أول خطوات حل هذه المشكلة هي الاعتراف الحقيقي بوجودها، اذ يجب على الفرد أن يُدرك حقًا حجم المشكلة وتوابعها فالأمر اليوم بات مختلفًا خاصة مع هذا الانفتاح والتواصل المتسارع مع أقطاب العالم الذي يشكل عبئًا هائلًا على النفس مالم يتخذ الفرد منا موقفًا جادًا في ايجاد الحل المناسب له.

ماذا بعد القراءة؟

في الحياة لن يأتيك دومًا ما أردته ولا حتى ما ظننت أنك تستحقه، لن تنال فيها غير ما قد كتبه الله إليك، قد تكون هذه هي بالفعل الفكرة التي نؤمن بها جميعًا لكننا مع الأسف نقع دومًا رهن رغبات النفس وتأملاتها، وإن أخطر ما نقع فيه هو مقارنة أنفسنا مع الآخرين وهذه المقارنة وحدها قادرة على إحالة الحياة إلى جحيمٍ لا يُطاق فكيف إذا مُزِجت مع السعي لتحقيق المكانة؟!

إن أكثر ما يُخشى على هو أن يفقدك هذا السعي ذاتك فتذوب حتى لا يبقى منك أنت سوى ظلك.

مراجعة كتاب قلق السعي إلى المكانة
للكاتب: البريطاني آلان دُو بُوتون.
عدد الصفحات: 311 صفحة
دار النشر : دار التنوير للطباعة والنشر.